لم يؤذ حتى النملة

بدأ الجو يبرد شيئاً فشيئاً حيث الشتاء مقبل ونحن لازلنا على جبل أرك، كنا نتوقع هطول أمطار غزيرة وتساقط الثلوج بكثرة وكان المكان الذي نبقى فيه هو على شكل ربوة أو مرتفع صغير، فأراد الأستاذ أن نبني غرفة. فبدأنا ببناء الغرفة على هذا المرتفع، وعندما حفرنا الأساس وجدنا مملكة للنمل، ولما رأى الأستاذ النمل أمرنا بالتوقف، فسألناه عن السبب، قال: هل يجوز بناء بيت بهدم بيت آخر؟ لا تخربوا بيوت هذه الحيوانات. احفروا في مكان آخر غيره.

فبدأنا نحفر في مكان آخر فوجدنا مملكة أخرى أيضاً للنمل، وحفرنا ثالثة فوجدنا الشيء نفسه. وهكذا تكررت العملية ثلاث مرات. فسألني أحد الطلاب الذي كان يساعدني في هذا العمل: هل سيستمر الأمر هكذا؟ علينا أن نحفر في مكان ما فإذا ظهر النمل واريناه التراب لئلا يراه الأستاذ ومن بعد ذلك نستمر بالحفر، وإلا فسوف نظل إلى العشاء ولما نقم بشيء، فليس في هذه المنطقة شبر إلا وفيها مملكة للنمل.

وعلى كل حال بنينا غرفة صغيرة للأستاذ هناك، فكان الأستاذ كلما يرى النمل ويشاهد مملكته في الغرفة يقدم له البرغل والسكر وفتات الخبز.

فسألناه عن سبب تقديمه السكر للنمل فأجابنا ضاحكاً: فليكن السكر شاياً لهم!([1])

كان الأستاذ شديد الشفقة والرأفة بالأحياء فلم أره طول حياته يؤذي حيواناً حتى النمل.([2])

 

[1]() المقصود غذاء أساسيا لهم..

[2]() ذكريات عن سعيد النورسي ص14. ويذكر الأستاذ أن أربعة من القطط جاءته ضيوفاً عليه..الخ في المكتوب الحادي والعشرين من المكتوبات؛ وأورد خاطرة له حول ذكر القطط: يارحيم.. يارحيم. وذلك في الكلمة الرابعة والعشرين من الكلمات.

Ekranı Genişlet