الطالب الأمثل في خدمة القرآن
أصيب الأخ زبير بمرض شديد ذات يوم حتى لم يطق الاشتراك في الدرس، فطلب منا أن نراعيه ونساعده. فدخلنا إلى الأستاذ -أنا والأخ صونغور- لتلقي الدرس منه، فسأل الأستاذ عن الأخ زبير: "أين هو؟" فأردنا أن نكتم مرضه عنه ونبين حجة أخرى بأنه ذهب إلى السوق! إلا أننا لم نوفق إلى إقناع الأستاذ بهذه الحجة. فغضب الأستاذ وقال: "لا لن أدرّس درساً ما لم يحضر زبير، اذهبوا إليه وايتوا به حيثما كان". وعندما جئناه بزبير غضب غضباً شديداً وقال: "كنت أظن أن زبيراً إذا قُطع رأسه -وليس إصبعه- فإن جسده يأتي مهرولاً بلا رأس يردد "رسائل النور.. رسائل النور".. لقد خيّب أملي بمرض مسّ إصبعه. إني أريد طالباً لا يهتم بشيء ولو قطعت يده كاملة وليست إصبعه. فلن تكون هذه الأمور -وأمثالها- حجة للتقاعس عن هذه الدعوة المقدسة دعوة القرآن الكريم. إن "سعيداً" لم يتراجع قط عن التضحية برأسه في سبيل دعوة الحق بل ضحى بكل ما لديه لرسائل النور. يتطلب رسائل النور طلاباً يفدونها بكل شئ في سبيل إعلاء كلمة اللّٰه.
وفي هذه الأثناء خطر إلى قلبي - ما أعجب أمركم يا أستاذي! إنكم تعاتبون الأخ زبيرا بهذا العتاب المر وهو مَن هو في التضحية والفداء... إذن لم تجد رسائل النور لحد الآن طالباً لها. فتوجه الأستاذ نحوي مباشرة وقال: "لقد وجدنا أنا ورسائل النور طالبنا المخلص".
نعم، كان الأستاذ يريد أن يرشد طلابه في شخص زبير.
وكان الأستاذ بنفسه يتابع مراحل الطبع وينشغل مع ما ألف حول رسائل النور وكان يكلف زبير بقراءة الجرائد ليقرأها له. وكان يبحث معه الموضوعات الاجتماعية، فعلاقة الأستاذ مع زبير كانت تختلف تماماً عن علاقته معنا.([1])
[1]() ذكريات عن سعيد النورسي ص93.
