سنة 1911م/1329هـ

 

نموذج من الخطبة

 

«لقد تعلمت الدروس في مدرسة الحياة الاجتماعية البشرية، وعلِمتُ في هذا الزمان والمكان أن هناك ستة أمراض، جعلتنا نقـف على أعتاب القرون الوسطى في الوقت الذي طار فيه الأجانب -وخاصة الأوربيين- نحو المستقبل.

وتلك الأمراض هي:

أولاً: حياة اليأس الذي يجد فينا أسبابه وبعثه.

ثانياً: موت الصدق في حياتنا الاجتماعية والسياسية.

ثالثاً: حبّ العداوة.

رابعاً: الجهل بالروابط النورانية التي تربط المؤمنين بعضهم ببعض.

خامساً: سريان الاستبداد سريانَ الأمراض المعدية المتنوعة.

سادساً: حصر الهمة في المنفعة الشخصية.

ولمعالجة هذه الأمراض الستة الفتّاكة، أبيّن ما اقتبسته من فيض صيدلية القرآن الحكيم -الذي هو بمثابة كلية الطب في حياتنا الاجتماعية- أبيّنها بست كلمات، إذ لا أعرف أسلوباً للمعالجة سواها.

الكلمة الأولى: "الأمــل" أي شدة الاعتماد على الرحمة الإلهية والثقة بها.

نعم، إنه بناء على ما تعلمته من دروس الحياة، يسرّني أن أزفّ إليكم البشرى يا معشر المسلمين، بأنه قد أزِفَ بزوغ أمارات الفجر الصادق ودنا شروق شمس سعادة عالم الإسلام الدنيوية وبخاصة سعادة العثمانيين، ولاسيما سعادة العرب الذين يتوقّف تقدم العالم الإسلامي ورقيّـه على تيقظهم وانتباههم، فإنني أعلن بقوة وجزم، بحيث أُسمع الدنيا كلها -وأنفُ اليأس والقنوط راغم- أن المستقبل سيكون للإسلام، وللإسلام وحده. وأن الحكم لن يكون إلاّ لحقائق القرآن والإيمان. فعلينا الرضى بالقدر الإلهي وبما قسّمه اللّٰه لنا؛ إذ لنا مستقبل زاهر، وللأجانب ماضٍ مشوش مختلط.

فهذه دعواي، لي عليها براهين عدة، سأذكر واحداً ونصفاً فقط منها، بعد أن أمهّد لها ببعض المقدمات...»([1]) [ثم عاد عن طريق بيروت - إزمير إلى إسطنبول واستمر في مطالبته بإنشاء مدرسة الزهراء].

 

[1]() صيقل الإسلام، الخطبة الشامية.

Ekranı Genişlet