حادثة الأرمن
«كانت علاقة طلاب "سعيد القديم" وطيدة جداً مع أستاذهم حتى بلغت مرتبة التضحية والفداء. لذا كان "سعيد القديم" يتمكن من التصدي للفعاليات الكثيرة التي كانت تقوم بها عصابات الأرمن وفدائيو الطاشناق في حوالي مدينة "وان" و"بتليس" بل كان يوقفهم عند حدّهم إلى درجة ما.
وحينما وجد لطلابه بنادق الماوزر وتحولت مدرسته إلى ما يشبه المعسكر -إذ الكتب كانت جنباً إلى جنب مع البنادق- حضر قائد عسكري برتبة فريق وشاهد هذا المنظر.. وقال: "هذه ليست مدرسة دينية بل ثكنة عسكرية" وأمر قائلاً: "اجمعوا بنادقه" لما ساورته الشكوك من جراء حادثة "بتليس". فحصلوا منا على خمس عشرة بندقية، وبعد حوالي شهرين اندلعت الحرب العالمية الأولى، فاسترجعتُ بنادقي منهم.. وعلى كل حال.. ولمناسبة هذه المواقف والأحوال سألوني:
إن عصابات الأرمن التي تملك فدائيين رهيبين تخشاكم، حتى إنها تجنبت الاحتكاك معكم وتفرقوا بعيداً عنكم لما صعدتم جبل "أرك" في "وان". ترى ما القوة التي فيكم حتى يكون الأمر هكذا؟.
فكنت أجيبهم: إن فدائيي الأرمن الذين يقومون بهذه البطولات الخارقة، إنما يقومون بـها في سبيل الحصول على حياة دنيوية فانية، ولأجل كسب مصلحة قومية مؤقتة صغيـرة، وللحفاظ على سلامتها.. ونحن نجابه هؤلاء بالطلاب الذين يسعون في سبيل الحصول على حياة باقية خالدة، ولأجل كسب مصالح إيجابية لأمة الإسلام السامية العظيمة وقد أيقنوا بأن الأجل واحد لا يتغير. فلا شك أن هؤلاء الطلاب لا يتخلفون قطعاً عن أولئك الفدائيين. بل إذا لزم الأمر يفدون بحياتـهم وبأجلهم المحتوم وبعمر لا يعدو بضع سنوات ظاهرية، في سبيل الفوز بملايين السنوات من العمر الخالد، وفي سبيل الحفاظ على سلامة مليارات من الناس المؤمنين الأتقياء.. يفدونها دون تردد، وبكل فخر واعتزاز».([1])
[1]() الشعاعات، الشعاع الرابع عشر.
