الصوم يعرفك بربوبية الله
الأستاذ: منير توران
رسالةُ رَمَضان
لقد بُحِثَت نُبذةٌ مختصرةٌ عن الشعائرِ الإسلاميةِ في خِتامِ القِسمِ الأوّلِ، لذا سَيُذكَرُ في هذا القِسم الثاني عَددٌ من الحِكَمِ التي تخصُّ صيامَ شهرِ رَمَضانَ المباركِ الذي هو أسطعُ الشعائرِ وأجلُّها.
هذا البحثُ عبارةٌ عن تسعِ نِكاتٍ دقيقةٍ ومسائلَ لطيفةٍ تُبين تسعاً من الحِكمِ الكثيرةِ لصيامِ شَهرِ رَمضانَ المباركِ.
﷽
﴿شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدٗى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰتٖ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِۚ﴾ (البقرة: 185)
النكتةُ الأولى
إنَّ صيامَ شهرِ رَمضانَ يأتي بَين أوائلِ الأركانِ الخمسةِ للإسلامِ، ويُعدُّ من أَعاظِمِ الشعائرِ الإسلاميةِ.
إنَّ أكثرَ الحِكَمِ المتمخِّضةِ عن صَوم رَمضانَ تَتَوجَّهُ إلى إظهارِ ربوبيةِ الحقِّ تَبارك وتَعالى، كما تَتَوجَّه إلى حياةِ الإنسانِ الاجتماعيةِ وإلى حياتِه الشخصيةِ، وتَتَوجّهُ أيضاً إلى تربيةِ النفسِ وتَزكيتِها، وإلى القيامِ بالشُّكرِ تجاهَ النِّعَمِ الإلهيةِ.
نَذكُرُ حكمةً واحدةً من بين الحِكَمِ الكثيرةِ جدًّا من حيثُ تجلِّي ربوبيةِ الحقِّ تَباركَ وتعالى من خلالِ الصَّومِ وهي: أنَّ اللهَ سبحانه وتعالى قد خَلَقَ وَجهَ الأرضِ مائدةً ممتدّةً عامرةً بالنِّعمِ التي لا يَحصُرُها العدُّ، وأَعدَّها إعداداً بديعاً من حيثُ لا يَحتسِبُه الإنسانُ، فهو سُبحانه يُبيِّنُ بهذا الوَضعِ، كمالَ رُبوبيتِه ورَحمانيتِه ورَحيمِيتِه، بَيدَ أنّ الإنسانَ لا يُبصِرُ تماماً -تَحتَ حِجابِ الغَفلةِ وضِمنَ سَتائرِ الأسبابِ- الحقيقةَ الباهرةَ التي يُفيدُها ويُعبِّـرُ عنها هذا الوضعُ، وقد يَنساهَا.. أمّا في رَمضانَ المباركِ فالمؤمِنُونَ يُصبِحُون فَوراً في حُكمِ جَيشٍ مُنظَّمٍ، يَتقلّدُون جميعاً وِشاحَ العبوديةِ لله، ويكُونُونَ في وَضعٍ مُتأهبٍ قُبَيلَ الإفطارِ لتلبيةِ أمرِ السُّلطانِ الأزلي: «تفضّلوا» إلى مَائدةِ ضيافتِه الكريمةِ.. فَيقابِلون -بِوضعِهِم هذا- تلك الرحمةَ الجليلةَ الكُلِّيةَ بِعبُوديةٍ واسعةٍ مُنظَّمةٍ عظيمةٍ.. تُرى هل يَستحِقُّ أولئك الذين لم يَشتـرِكُوا في مِثل هذه العبوديةِ الساميةِ، وفي مِثل هذه الكرامةِ الرفيعةِ أن يُطلَقَ عليهِم اسمُ الإنسانِ؟
https://www.nafizatalnoor.com/?q=%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%AA%D9%88%D9...
التعليقات