الصوم يقضي على فرعونية النفس

الأستاذ: منير توران

رسالةُ رَمَضان

النكتة التاسعة

لقد بُحِثَت نُبذةٌ مختصرةٌ عن الشعائرِ الإسلاميةِ في خِتامِ القِسمِ الأوّلِ، لذا سَيُذكَرُ في هذا القِسم الثاني عَددٌ من الحِكَمِ التي تخصُّ صيامَ شهرِ رَمَضانَ المباركِ الذي هو أسطعُ الشعائرِ وأجلُّها. هذا البحثُ عبارةٌ عن تسعِ نِكاتٍ دقيقةٍ ومسائلَ لطيفةٍ تُبين تسعاً من الحِكمِ الكثيرةِ لصيامِ شَهرِ رَمضانَ المباركِ.

﴿شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدٗى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰتٖ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِۚ﴾ (البقرة: 185)

النكتةُ التاسعةُ

إنَّ صومَ رَمَضانَ من حيثُ كَسرُهُ الربوبيةَ الموهُومةَ للنفسِ كَسْراً مُباشِراً ومن ثمَّ تَعريفُها عبوديتَها وإظهارُ عَجزِها أمامَها، فيه حِكمٌ كثيرةٌ، منها: أنّ النفسَ لا تُريدُ أن تَعرِفَ رَبَّها، بل تُريدُ أن تَدّعِي الربوبيةَ بفِرعَونيةٍ طاغيةٍ، فَمهما عُذِّبَت وقُهِرَت فإنّ عِرْقَ تلك الربوبيةِ الموهُومةِ يَظل باقيا فيها، فلا يَتَحطّمُ ذلك العِرقُ ولا يَركعُ إلّا أمامَ سُلطانِ الجوعِ. وهكذا، فَصيامُ رَمَضانَ المباركِ يُنـزِلُ ضربةً قاضيةً مُباشرةً على الناحيةِ الفِرعَونيةِ للنفسِ، فيَكسِرُ شَوكَتَها مُظهِراً لها عَجزَها، وضَعفَها، وفَقرَها، ويُعرِّفُها عُبودِيَتَها. وقَد جاءَ في إحدَى رِواياتِ الحديثِ: أنَّ اللهَ سبحانه قال للنَّفسِ: «مَن أَنا ومَا أَنتِ؟» أجابَتِ النفسُ: «أَنا أَنا، أنتَ أنتَ» فَعذَّبَها الربُّ سُبحانَه وأَلقاهَا في جَهنَّمَ، ثم سألَها مَرّةً أُخرَى فَأجابَت: «أَنا أَنا، أنتَ أنتَ» ومَهما أَذاقَها مِن صُنوفِ العذابِ لم تُرْدَعْ عن أَنانِيتِها.. ثمَّ عذَّبها الله تعالى بالجوعِ، أي ترَكَها جائعةً، ثم سألها مَرّةً أُخرَى: «مَن أَنا ومَا أَنتِ؟» فأجابَتِ النَّفسُ: «أَنتَ رَبِّيَ الرحِيمُ وأَنا عَبدُكَ العاجِزُ». اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَاةً تَكُونُ لَكَ رِضَاءً وَلِحَقِّه أَدَاءً بِعَدَدِ ثَوَابِ قِرَاءَةِ حُرُوفِ الْقُرْآنِ في شَهْرِ رَمَضَانَ وَعَلَى آلِه وَصَحْبه وَسَلِّمْ ﴿سُبۡحَـٰنَ رَبِّكَ رَبِّ ٱلۡعِزَّةِ عَـمَّا يَصِفُونَ* وَسَلَـٰمٌ عَلَى ٱلۡمُرۡسَلِينَ* وَٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِينَ ﴾ آمينَ.( )

 

التعليقات