المرض إحسان إلهي

الأستاذ: منير توران

الدَّواءُ الخامِسُ

أيها المُبتَلى بالمرضِ! لقدْ تَوافرَتْ لَديَّ القَناعةُ التَّامَّةُ خِلالَ تجرِبَتي في هَذا الزَّمانِ، بأنَّ المرضَ نوعٌ منَ الإحسانِ الإلهيِّ والهديَّةِ الرَّحمانيَّةِ لِقِسمٍ من النَّاسِ.( ) فقدِ الْتَقاني بعضُ الشَّبابِ في هذه السَّنواتِ الثَّماني أو التِّسْعِ، لمعاناتِهم المرضَ، ابتِغاءَ دُعائيَ لَهم، رَغمَ أنى لسْتُ أهْلًا لذلكَ، فلاحظْتُ أن مَن كان مِنهم يُعاني مرَضًا هو أكثرُ تفكُّرًا في الآخرة وتذكُّرًا لَها، وليسَ ثمِلًا بغفلةِ الشَّبابِ، بلْ كان يقِي نفسَه -إلى حدٍّ ما- تحتَ أوْجاعِ المرضِ وأوصابِه ويحافظُ علَيها من الشَّهواتِ الحيَوانية، وكنتُ أذكِّرهم بأنِّي أرَى أنَّ أمراضَهم هذه، ضِمْنَ قابِليَّتِهم على التَّحمُّل إنما هِي إحسانٌ إلهيٌّ وهِبةٌ منهُ سبحانَه، وكنتُ أقولُ: «يا أخي! أَنا لَسْت ضِدَّ مرضِك هذا ولا علَيه، فلا أشعُرُ بشفَقةٍ عليك ورأفةٍ لأجلِ مرضِك، كي أقومَ بالدُّعاءِ لك، فحاوِلِ التَّجمُّلَ بالصَّبرِ والثَّباتِ أمامَ هذا المرضِ، حتَّى تتحقَّقَ لك الإفاقةُ والصَّحوةُ؛ إذ بعدَ أن يُنهِيَ المرضُ مهامَّه سيشفِيك الخالقُ الرَّحيمُ إنْ شاءَ»، وكنتُ أقولُ أيضًا: «إنَّ قِسمًا من أمثالِك يُزعْزعونَ حياتَهمُ الأبديةَ بل يَهدِمونَها مقابلَ متاعٍ ظاهريٍّ لساعةٍ منْ حياةٍ دُنيويَّةٍ، وذلكَ لِمُضيِّهم سادِرينَ في الْغفلةِ النَّاشئةِ مِن بلاءِ الصَّحةِ، هاجِرينَ الصَّلاةَ ناسِينَ الموتَ وغافلين عنِ اللهِ عزَّ وجلَّ، أمَّا أنتَ فتَرى بعَينِ المرضِ القبرَ الذي هو منزِلُكَ الذي لا مَناصَ من الذَّهابِ إليه، وترَى كذلكَ ما وراءَه من المنازلِ الأُخرويَّة الأُخرَى، ومِن ثَمّ تتحرَّكُ وتتصرَّفُ على وَفْقِ ذلك، فمَرَضُكَ إذنْ إنّما هو بمثابةِ صِحةٍ لك، والصَّحةُ التي يتمتَّعُ بها قِسمٌ من أمثالك إنما هي بِمثابةِ مرَضٍ لهم».

https://www.nafizatalnoor.com/?q=%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%AA%D9%88%D9...

التعليقات