العبرة من حياة المفكر الإسلامي بديع الزمان النورسي

العبرة من حياة المفكر الإسلامي

بديع الزمان النورسي

1294 /1379 هـ

1876 /1960  م

د. محمد الكتاني

مكلف بمهمة بالديوان الملكي

الرباط

بسم الله الرحمن الرحيم

العبرة بمعناها العميق ما يكتشفه الفكر من خلال الوقائع و الأحداث من سنن كونية ثابتة، يعبر من خلالها إلى إدراك حتمياتها و قياس ما يتوقع منها إلى ما وقع بالفعل، و بذلك يستشرف معالم المستقبل من خلال التناظر الحتمي بين الواقع والمتوقع بصورة تقريبية، لأن السنن الكونية تدور مع هذا الواقع، متجلية ظاهرة، أو كامنة مستترة. و لكنها مقروءة من لدن ذوي البصائر و العقول. فما يحدث في كل عصر أو في كل طور من أطوار التاريخ، وإن كان لا يتكرر بنفس الصور والهيآت و التفاصيل و الجزئيات، إلا أنه يحافظ على نسقية الأسباب و المسببات. وترابط المقدمات و النتائج، وإذا لم يستطع حاضرنا أن يقرأ الماضي الذي عاشه أسلافنا، لاجتلاء السنن المحركة لتاريخ الإنسان فأي جدوى من قراءة هذا التاريخ؟

ونحن المسلمين من أحوج الأمم إلى قراءة تاريخها، و تاريخ غيرها بهذا الوعي وبهذا الإنفتاح. و تجاوز النظر إليه بوصفه تراكما أو تعاقبا أو ماضيا ولى إلى غير رجعة إلى النظر إليه مختبرا للسلوك الإنساني، يكشف عن النتائج الحتمية لأي سلوك، و القرآن الكريم يطالبنا بهذه القراءة " قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كانت عاقبة الذين من قبل" (1)

و من مقومات الأمة الإسلامية أن الإسلام بوصفه نظاما و منهجا الهيا للإنسان في حياته، لا يتوفر و حسب على تفاصيل هذا المنهج عقيدة و شريعة و قيما أخلاقية من خلال القرآن و السنة و الفكر المنبثق عنهما، و إنما يتوفر أيضا على تاريخ ممتد عبر فضاءات شاسعة من الزمان و المكان، نقرأه و نستوعبه، فنتمكن بفضله من اختبار قيم الإسلام و منهجه، و من تحقيق مصداقية ما يدعو إليه، وذلك من خلال معترك النضال و التصادم مع عقائد و إيديولوجيات، و شعوب وحضارات، و مناهج و ثقافات. و هكذا ألقى الإسلام أمته في معترك الحياة. و في مختبر التاريخ الإنساني المحكوم بآلياته الثابتة و سننه الإلهية الدائرة.

و لعل في مقدمة العبر المستفادة من تاريخ الإسلام، أنه ظل ثابتا في مجرى هذا التاريخ الإنساني، بعد أن دخل كل صقع من أصقاع الدنيا، و خالط كل شعوب الأرض، و ثبت أقدامه هنا و هناك، برغم الحرب الضروس التي شنت عليه من كل حدب و صوب، و من كل العقائد و الثقافات المخالفة. سواء كانت حربا شنت عليه من داخل مجتمعاته، بالتزييف و التضليل و الشبهات التشكيكية. أو كانت حربا شنت عليه من  خارج أوطانه كالغزو العسكري و الاستعماري.

و في سياق هذا التاريخ المبتلي بأعدائه و بجهل بعض أبنائه تبرز أمامنا ثلاث حقائق:

الأولى:أن الاسلام استعصى على التزييف لحقائقه الكبرى و لمنهجه العام، برغم كون خطة التزييف و التحريف قد شنت عليه منذ القرون الأولى لتحويله عن وجهته ، و ذلك عقب التقائه بالثقافات الشرقية القديمة، و بالنحل و المذاهب التي كان يدين بها اللذين استقبلوه في ديارهم، من الامم في آسيا و إفريقيا. و نحن نقرأ آثار هذا التصادم بينه و بين المعتقدات و التقافات في كتب علم الكلام، و كتب الملل و النحل، فتقف على محاولات التزييف أو التكييف مع المعتقدات الوثنية، وعلى ردود الفعل أو ضدها. و العبرة هنا أن الإسلام من خلال علمائه و مفكريه ظل يحاور و يجادل، و يصحح المفاهيم، و يثبت الأسس و المبادئ. و نلاحظ بإمعان أن الحركة التصحيحية المقاومة للتزييف و للشبه المعترضة و للأبطال المزعوم لم تكن لتفلح في مناهجها و تنتصر على خصومها إلا بقدر ما كان يتسلح به العلماء و المجاهدون و المجددون من علوم و معارف، لا يجد العقل الصحيح مناصا من الإقرار بها و التسليم بمنطقها. لأن الإسلام و هو يدعو للعلم و النظر الصحيح في الأنفس و الآفاق و الاعتبار بالسنن الكونية و القوانين الطبيعية يلزم علماءه بأن يكونوا في طليعة من يمثلون قيم هذه الدعوة القرآنية و إلا كانوا محجوجين أمام خصومهم، و من يفوقهم في تحصيل العلوم و اصطناع مناهج النظر السديد، و لم تقع الإساءة الى الإسلام إلا ممن دعى إليه بغير علم، أو رد على خصومه بغير علم، أو ضاق صدره بالحوار على أساس البرهان.

الثانية: أن الإسلام لم يصمد بحقائقه و قيمه في معترك التاريخ المحكوم بالصراع، و بالشد و الجذب، إلا لأن الله قيض له في كل زمان و مكان من يؤمن بتلك الحقائق و يلتزم بتلك القيم، و يشخص النموذج الأخلاقي بمقوماته الثلاثة، الإيمان و العلم و العمل. و بفضل هذا التشخيص في السلوك اليومي تم اختبار مصداقية المنهج الإسلامي. لأن الدعوة بالقدوة هي المحك على صدق الفكرة وفعاليتها. و التاريخ الإسلامي يدلنا على أن شعوبا و مجتمعات دخلت في الإسلام بعد توقف حركة الفتوحات، كانت تفوق أعدادها تلك التي دخلت في الإسلام في زمن الفتوحات. و كانت الوسيلة هي تمكين هذه الشعوب من تلقي الخطاب الإلهي الذي هو القرآن. و كان تعريب ألسنتها مقدمة لاكتسابها الهوية الإسلامية، و هي هوية لا يمكن اكتسابها على مستوى العقل و الوجدان بغير التواصل مع القرآن.

الثالثة: أن الصمود ضد التزييف و الوقوف في وجه الغزو الفكري و الحرب المعلنة على الإسلام كان لهما مصدر قوة لا تقاوم و لا تتخاذل. و هي التواصل العميق مع القرآن. فمنذ نزل القرآن إلى اليوم ظل بمثابة القوة التي لا ينفد مددها، و مصدر التجديد الذي لا يخبو له شعاع، أو قل " حجة الله البالغة" التي يطالعها العقل في كل عصر، و يجد فيها دليل إثبات حجيتها و صدق مضمونها.

هذه مقدمة لا بد منها نمهد بها لوضع العلامة التركي بديع الزمان سعيد النورسي في إطار عصره، و سياق التاريخ المتصل به الذي حدد له مسيرته الفكرية و أملى عليه المسؤولية التي نهض بها، عن اقتناع و اختيار، و جاهد في سبيل تبليغ ما وقع في نفسه من نورانية القرآن و حكمته و اعجازه في بيئة ثقافية و حضارية، قامت بينها و بين الاتصال بالقرآن حوافز و موانع، و تهيأت لامتصاص الشبه و الأباطيل، و التشبع بالغزو الفكري الزاحف بصوره الزاهية ومغرياته القوية.

ولد سعيد النورسي سنة 1876و هي السنة التي تولى فيها الخلافة العثمانية السلطان عبد الحميد الثاني، الذي يعد من أبرز و أقوى سلاطين آل عثمان المتأخرين. و كانت الدولة العثمانية قد أخذت طريقها نحو التدهور و التفكك، بفعل تحالف القوى الغربية على تقاسم ميراثها العظيم. فانبرى السلطان عبد الحميد بعد ادراكه لما يتحدد امبراطوريته العظيمة من مخاطر في الداخل والخارج لإتخاد المواقف الحازمة، والإمساك بالسلطة بيد من حديد.

كانت الحروب ضد السلطنة العثمانية تثار هنا وهناك لإستنزاف قواها وكانت النعرات القومية تذكي لهيبها من لدن اليهود والجواسيس والتجار ومن لدن المبشرين والدبلوماسيين الأوربيين . فتتمرد الشعوب المنضوية تحت سلطان الخلافة، في كل من الجبل الأسود والبلقان وغيرهما. ولم يقتصر عمل الدول الغربية تجاه الدولة العثمانية على هذه الحروب الإستنزافية المفتعلة، وإذكاء روح الإنفصال والتمرد لإقتطاع أجزاء منها. وإنما كانوا يعملون على شن حرب تفكيكية مماثلة داخل الكيان الإجتماعي،فشجعوا على إنشاء الأحزاب والجمعيات ذات الأفكار الغربية الليبيرالية " كجمعية تركيا الفتاة" و جمعية "الإتحاد والترقي" وغيرها من الجمعيات السرية التي كانت تعبر عما كان يتطلع إليه المجتمع أوالشعوب الواقعة تحت الحكم العثماني من تغيير أوضاعها والطموح إلى استقلالها ولذلك قامت هذه الجمعيات بإشاعة الوعي القومي على نحو مثير.

وقد كان لليهود دور كبير في إنجاح الخطط الإستعمارية و القضاء على الخلافة العثمانية. فقد كانوا قد طلبوا من السلطان عبد الحميد مرات عديدة ان يسمح لليهود المقيمين في "سالونيك" بالهجرة إلى فلسطين، ليتخذوا منها وطنا لهم، و أغروا بمختلف المغريات فلم يفلحوا، إذ كان قد رفض هذا العرض مرارا بشدة، ومضي إلى أبعد من ذلك فأصدر أمره بمنع هجرة اليهود إلى فلسطين. وعندما أدركوا أنهم أمام سلطان قوي عنيد، مشبع بفكرة وحدة العالم الإسلامي ووحدة الديار الإسلامية أيقنوا أن زواله هو الكفيل بتحقيق فكرة الوطن القومي لليهود، وأن زواله لايمكن إلا بزوال نظام الخلافة أو زعزعته من أساسه، وتحقق لهم خلع السلطان عبد الحميد سنة 1909. وعلى إثر هذا الانقلاب زحف الجيش المرابط في سالونيك إلى العاصمة "الأستانة "، وانضم  إليه عدد من اليهود والبلغار. وكانت اللجنة التي بلغت السلطان العثماني قرار الخلع تتكون من يهودي ويوناني وأرمني، وعلى رأسها إيمانويل قره صو الماسوني الإيطالي المشهور.

و قد حكم الإتحاديون أي حزب "الاتحاد و الترقي" الذي هو امتداد لحزب "تركيا الفتاة" طيلة الفترة الواقعة بين الانقلاب و سقوط الخلافة. و تعاقب على كرسي "الخلافة" الإسلامية صوريا ثلاثة خلفاء، و قد ظهرت خلال هذه الأحدات فكرة "القومية الطورانية" بقوة، و شاعت لدى الخاص و العام لاتخادها رابطة أساسية بدل "الرابطة الدينية" و هكذا أذكيت روح القومية التركية بدلا من الروح الإسلامية، التي أصبحت تواجه حربا ممنهجة. و أصبح العداء سافرا لكل ما يمت للإسلام من صلة، و لا سيما محاكمة العلماء و نفيهم و تتبع نشاطهم و شن الهجمات على الشريعة الإسلامية، و على من يظهر التعلق بها فضلا عن الالتزام بها.

و نتصور مدى الصراع المرير الذي واجه المسلمين في تركيا من لدن هذه التيارات المختلفة، المتحالفة للقضاء على الهوية الإسلامية و تفكيك كل روابطها وقيمها، و تحويل المجتمع التركي الى مجتمع علماني يقتفي أثر المجتمعات الغربية. و هو ما حققه بالفعل كمال اتاتورك، بعد الغاء الخلافة و إقامة الجمهورية العلمانية عام 1924. فاعتمد القانون المدني السويسري، و قانون العقوبات الإيطالي و القانون التجاري الألماني. و بمقتدى ذلك ألغى العمل بالشريعة الإسلامية، حتى بالنسبة للأحوال الشخصية. ثم فرض على الأتراك اتخاذ القبعة بدل العمامة، كما فرض السفور فرضا على النساء. و اتخذ الحروف اللاتينية بدل الحروف العربية في اللغة التركية. و بذلك اتضح أن الغاء الخلافة كان مجرد خطوة لالغاء الهوية الإسلامية نفسها. و قد استشهد في معارك الثورة على هذه السياسة آلاف الأتراك، فوجهوا بالقمع، قطعا للرقاب و شنقا على أعواد المشانق و رميا بالرصاص، لمجرد كونهم رفضوا التنازل عن هويتهم واستقلالهم في الحفاظ على تقاليدهم الشرقية الإسلامية.

لقد عانى العلماء المسلمون في تركيا معاناة قاسية خلال العقود الأولى لقيام الجمهورية التركية إذ كانوا يرون الدولة العلمانية القائمة تشجع على الارتداد، وتفرض الانسلاخ من الهوية، على خلاف ما تدعيه النزعة "العلمانية" من توفير حرية الاعتقاد و الممارسة للدين. فاستشهد من أولائك العلماء من استشهد، و هاجر من هاجر، و في مقدمتهم علماء كبار أمثال الشيخ مصطفى صبري (-1954) والشيخ محمد زاهد الكوثري (1952-) و هما معاصران للعلامة بديع الزمان النورسي (-1960)، و متقاربان معه مولدا و وفاة.

و لنا أن نتساءل : ماذا كان الخيار الممكن لعالم مسلم، وسط مجتمع يعيش مخاضا قاسيا ينقله من واقع لآخر؟ أو الموقف الأنسب وسط هذا الصراع الكبير الذي عاشته تركيا خلال الربع الأخير من القرن الماضي و الربع الأول من هذا القرن؟ إن هذه الحقبة القاسية التي كانت بمثابة زلزال هدم كل ما بناه الماضي، وأقام على أنقاضه أبنية جديدة، و لا سيما ما يتصل بالثقافة كانت توقف كل مفكر سلم يومئد أمام مسؤوليته ملقية عليه هذا التساؤل الأساسي مذا يجب فعله؟

مهما يكن الجواب فإن بديع الزمان النورسي أخذ مكانه من واجهة نضالية فكرية و علمية، تحرى ألا يكون لها أية صلة بالسياسة. فآثر العمل في العمق، لتثبيت العقيدة الإسلامية، و النضح عن القرآن بكل الوسائل، و ابراز مضمونه الأخلاقي و المعرفي، الذي يحيط بالحياة الإنسانية و يصلها بخالقها و يعلو على كل قيم الحضارات المادية. و قد ناصر النورسي في جهاده بعض الأفكار الإيجابية التي حملتها الحضارة الغربية، و زيف ما عداها من النزعات و الأفكار الهدامة والمادية. و لعله لم يكن له خيار في هذا الإتجاه بحكم التربية الأساسية التي نشأ عليها و بحكم الوسط البيئي الذي صاغ له شخصيته.

نشأ سعيد النورسي في بيئة قروية متواضعة، و في أحضان والدين شديدي الورع، بقرية نورس بولاية بتليس التركية، بشرقي بلاد الأناضول. و كان كل ما يحيط به في هذا الوسط يلون شخصيته. و أخذت مخايل الذكاء و النبوغ تظهر عليه منذ العاشرة من عمره، فأقبل على العلوم النقلية و العقلية و العصرية، يحفظ منها و يستوعبها، في نهم يثير الإعجاب، و خلال ذلك تشبع بالنزعة التصوفية، واستمع الى مناقب الأولياء و المشايخ و السادة الصوفية باعجاب و تأثر. و لم ينخرط في مناظرة علمية أو جدل علمي إلا خرج منها ظاهرا على خصومه أو رفاقه، مثيرا للإعجاب لدى الشيوخ و الأساتذة، فلقب ببديع الزمان، و هو بعد في سن العشرين. كما انفتح عقله على ما كان يعرفه المجتمع التركي من تيارات اصلاحية و أفكار غربية، فتعاطف مع الأفكار السياسية التي كانت تنادي بضرورة الوحدة الإسلامية، و أعجب بشخصيات أمثال الأفغاني و محمد عبده و الشاعر التركي نامق كمال، و أيد الدستور الذي عاد إليه السلطان عبد الحميد سنة 1908. و أخذ يلقي الخطب في مختلف مساجد اسطنبول، ليظهر العلاقة بين الشريعة الإسلامية و بين نظام الشورى و نظام المشروطية الذي كان يعني يومئذ النظام البرلماني. و جاهر بضرورة تقييد نظام الحياة الدستورية و البرلمانية بالقيم الإسلاميةو بالشريعة التي تقوم على نظام الشورى و حذر من تحول الحرية الى ذريعة للاستبداد ، او للانفلات من القيود الأخلاقية و القيم الحضارية الإسلامية. وقال: " إن مفتاح رقي المسلمين كامن في الحياة النيابية، أو موجود حسب عبارته في الشورى التي هي المشروطية ". لقد انسحق حسب قوله ثلاثمائة مليون من المسلمين تحت اقدام الإستبداد المعنوي الذي هو الإستعمار الأوروبي. و إن الحرية لهي العلاج الوحيد لإنقاد هذه الملايين من المسلمين من الأسر، فحتى لو تضرر هنا - بفرض المحال - عشرون مليونا منهم من أجل إرساء الحرية فليكن ذلك فداء. إذ نأخذ ثلاثمائة مليون مسلم حر، بدفع عشرين مليون من أسراهم" .(2)

و في فورة الشعور باسترجاع الدستور و استرجاع الحريات و القضاء على الإستبداد  شايع النورسي بعض افكار حزب "تركيا الفتاة " معتقدا أن من أعضاء هذا الحزب من يخدم الإسلام بالفعل، برغم وجود طائفة من الماسونيين المفسدين المندسين وسطهم. كما كان يحسن الظن بدعاة الفكر الحر و بالأفكار الليبيرالية، بغضا منه للاستبداد و الظلم اللذين كانا يطبقان على المجتمع التركي، و يفرقان بين المسلمين و المؤمنين. فالمسلمون في نظره هم الذين يومنون و يلتزمون بالعمل وفق الشريعة. اما المؤمنون فهم الذين يكتفون بالإيمان بالقيم الإسلامية، و لا يعملون بأحكام الشريعة. و ثقة منه في حكم جماعة الإتحاد و الترقي المبنية على دعم الحريات - و هو ما تراءى له في بداية الأمر - طالب الحكومة بضمان مستقبل العلماء بالولاية الشرقية لتركيا. و طالب ايضا بنصيب هؤلاء العلماء من معنى الإتحاد و الترقي و بإنشاء مجلس شورى للإجتهاد أي أنه طالب بإقامة الإجتهاد الجماعي للعلماء لمواجهة تخلف الشريعة في استيعاب شؤون العصر. وكان له أيضا موقف واضح من اختيار نوع الوعي الذي يمكن أن يحقق نهضة الشرق، بين خيارين، ظلا في نزاع عميق لفترة طويلة، و هما الرابطة  الإسلامية والرابطةالقومية . فكان يعلن أن الولاء الديني أو الرابطة الإسلامية هي التي ستدفع بالشرق إلى نهضته المنشودة، و تبعده عن مهالك الفتن و النعرات القومية. و يقول في هذا الصدد:" نحن الشرقيين لا نشبه الغربيين. إذ المهيمن على قلوبنا هو الشعور الديني. فإن بعث الأنبياء في الشرق يشير به القدر الإلهي،  إلى أن الشعور الديني وحده هو الذي يستنهض الشرق و يقوده إلى التقدم و الرقي"(3).

و خلال الحرب العالمية الأ‏ولى شارك النورسي في قيادة فرق المتطوعين الذين انخرطوا في هذه الحرب، ووقع في الأسر على يد الجنود الروس. و كان يشغل وقته بوعظ الجنود الأسرى، و إلقاء الدروس عليهم. لقد انخرط النورسي في حياة عصره منذ الحرب العالمية الأولى و تفاعل مع التيارات الفكرية و السياسية، محتفظا بإيمانه الشديد بعظمة الإسلام و بقدرته على خلق مدنية عظيمة تليق برسالته الكونية. و الواقع أن انشغاله كان قويا بمصير العالم الإسلامي الذي كان يبدو من خلال الحرب العالمية بمثابة ريشة في مهب الرياح. رياح المصالح الكبرى للدول الكبرى، و كانت تركيا نفسها أمام تكبد هزيمة ساحقة محققة، و لكن الأمل كان يفعم قلبه، من انبعاث وعي إسلامي شامل، يعود بالمسلمين إلى وحدتهم و تضامنهم تجاه التحديات التي تواجههم، و توقظ وعيهم من خلال نكبات الحروب و دمارها، و الاستعمار و ويلاته، و تدفعهم إلى النهضة البناءة و الصحوة المبدعة.

لم يكن النورسي يرى هذه الحرب التي خاضها الأتراك على كره منهم سوى حرب بين مدنية غربية مادية و مدنية شرقية إسلامية. كانت قد نشبت بين الشرق و الغرب منذ قرون خلت، و استعادت شراستها خلال هذه الحرب الأخيرة، و قد أدرك أنها تنطوي على صراع بين منهجين في الحياة، منهج يعتد بالحق و منهج يعتد بالقوة. و الحق من شأنه العدالة و التوازن و هدفه الفضيلة بدل المنفعة. والفضيلة من شأنها المحبة و التجاذب و دستورها في الحياة التعاون بدل الصراع. فالخلاف عميق بين مدنية تقوم على احترام مقومات الحق، و مدنية تقوم على الاعتداد بمقومات القوة و الصراع.

و يتحرر الأستاذ النورسي من أسر الروس فيعود إلى إسطنبول و إلى معاناته للشدائد و تقلبات الأيام و هزائم المسلمين، و شعوره بالمرارة تجاه انهيار كل ما كان يؤمله من العودة إلى القيم الإسلامية في خضم "علمنة" المجتمع التركي واستأصاله من هويته، و هكذا لاذ بحصن منيع و ملاذ رفيع، ظل مصدر قوة المسلمين في طور من أطوار تاريخهم، و عقب كل هزيمة من هزائمهم، و هو الإنكباب على القرآن لاستعانة وهجه الخالد في النفوس، و تأثيره في العقول عن طريق نقل الخطاب القرآني و تحليله إلى نفوس الإتراك.

كان قد بلغ الخمسين من العمر عندما ألغيت الخلافة الإسلامية، و شرع الحكام في تحويل صبغة المجتمع التركي و ثقافته إلى صبغة غربية وثقافية وضعية. فرغب في الإنزواء من مسرح الحياة الإجتماعية، و آثر التأمل و تعميق الدعوة إلى القرآن و الإبقاء على توهج نوره في قلوب المؤمنين، و دفع ما يراد أن يغشاه من تشكيك أو تهميش. و في هذه المرحلة بدأ سعيد النورسي مرحلة عمر جديدة قوامها خدمة القرآن  و استلهام حقائقه و اكتناه مكنونات علمه، و نبذ كل ما علق بفكره من فلسفات الغرب و مذاهبه، بذلك انتصار القلب على العقل وهي رحلة إستغرقت بقية عمره إلى أن وافته المنية سنة 1960.

ما العبرة التي يمكن استخلاصها من هذه السيرة المجاهدة المليئة بالعبر و القيم والتجارب المثمرة؟

لا نعتقد أن هناك عبرة واحدة يمكن استخلاصها من هذه الحياة المديدة، فالعبر منها تتعدد بتعدد وجهات النظر و مناهج التحليل. و ذلك بالنسبة لرجل خوطب ذات يوم بهذه العبارات:

" يا رجل القدر، يا رجل عصر النكبة و الفتنة و الهلاك".

إنه بالفعل كان رجل مرحلة "التحول" من فلك الإسلام و الحضارة الشرقية إلى فلك العلمانية و الحضارة الغربية، و بما أنه عصر تحول  فقد كان بالتالي عصر نكبة و فتنة و تدمير، بقدر ما كان في نظر الآخرين عصر ثورة و انقلاب و إعادة بناء.

و هنا أعود إلى التمهيد الذي قدمت به لهذه القراءة الموجزة لحياة النورسي، لأن حياته تؤكد بعض الاستنتاجات السابقة. فالنورسي مثل الصمود في وجه التحريف و التزييف، واستعلاء الفكر الغربي في المجتمع التركي. و هو و إن زاوج بين معطيات الثقافة الإسلامية و بين الثقافة العلمية الغربية حتى حدود الأربعين من عمره، إلا أنه رجع بعد ذلك إلى إيثار المنهج العرفاني الذي طبع حياته بصفة نهائية. و يمكن القول بأنه قد ولد من جديد بعد هذه التجربة العقلية والوجدانية التي خاضها بصمود في تجاذب بين الواقع السياسي و مختلف المؤثرات الثقافية و الاجتماعية. لقد ولد من جديد بعد اسقاط الخلافة الإسلامية، واستعلاء النزعة العلمانية، فتعمق ما كان يعيشه المجتمع التركي من تحولات سريعة لا يدري إلا الله ما ستؤول إليه. في هذه المرحلة جعل من القرآن مرجعه الوحيد في سيرته العرفانية، و اعتبر خدمته هي الواجهة الحقيقية لمقاومة كل غزو فكري، للحفاظ على عقيدة الإسلام و مقوماتها. و نذكر في هذا السياق أن حكم كمال أتاتورك قد فرض على المسلمين في تركيا منذ سنة 1932قراءة القرآن المترجم إلى اللغة التركية بدل اللغة العربية، و كذلك فرض أن يطبع المصحف الكريم بهذه اللغة كما فرض اللغة التركية في خطب الجمعة، و فرض الآذان والإقامة للصلاة بالتركية.

لقد شعر النورسي بكل مرارة، و إن لم يعبر عن ذلك بأن مجتمعه الذي انسلخ تدريجيا عن عربية القرآن هو أحوج ما يكون في الوقت الراهن إلى ترجمان لمعاني القرآن. و لهذا السبب اعتبر أن واجبه الأول أن يكون واحدا من هؤلاء العلماء الذين يحافظون على اشعاع القرآن و تأثيره في قلوب المسلمين، الذين حالت بينهم و بين هذا القرآن الكريم حواجز سميكة. فكتب "رسائل النور" باللغة التركية، لتقديم المضمون القرآني إلى المسلم التركي.

و مع ذلك، يمكننا أن نتساءل أي أثر يمكن احداثه في قلب مسلم حيل بينه وبين سماع الخطاب الإلهي في صيغته الإلهية المعجزة؟ و هو نفس السؤال الذي يمكن أن نطرحه في كل وقت بالنسبة لأي شعب إسلامي لا يعرف اللغة العربية. كما نتساءل أيضا: هل كان بالإمكان أن يقع بأي بلد عربي، يتلقى القرآن مباشرة ويصغي إلى خطابه في كل حين، ما وقع في تركيا من انقلاب ثقافي عميق، انقلاب حول المجتمع من هوية إلى أخرى ؟ إن العبرة هنا هي الإنسلاخ من هوية الإسلام.  ومما يؤكد هذه النتيجة أن القرآن يوم نزل لينقل الإنسان من وثنيته وشركه إلى وحدانية الله وتغيير المجتمع، إنما انطلق من هذا الإعجاز القرآني الذي لا يدرك غوره ولا يستطاع تحديده، لأنه خطاب الله المباشر إلى وجدان الإنسان. قال تعالى يخاطب نبيه صلى الله عليه و سلم: "وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه."(4) قال بعض العلماء : لولا أن سماعه حجة وبرهان  على تصديق النبوة وعلى إدراك الحقيقة لما كان لهذا الأمر معنى .

فهل نستمع إلى القرآن اليوم عبر التواصل اللغوي الضروري لإدراك برهانية القرآن ونورانيته ؟ أحسب أن الصراع اللغوي الذي سلط على اللغة العربية قد جرد المسلمين ولا يزال من أسلحة المقاومة، لتقبل الفكر الوافد، بلغات الغرب، بذوق اهله و مزاجهم. فلا يجدون بعد ذلك مساغا للغة القرآن أو هديه. و هذا ما فطن إليه العقلاء من قومنا، فاعتبروا الدفاع عن عروبة اللسان دفاعا عن الهوية الإسلامية. بل هذا مايوقفنا عليه تاريخ المجتمعات الإسلامية منذ القرن السادس الهجري، لأن ابتداء انهيار دولة الإسلام الكبرى كان بابتداء تفككها السياسي، ثم انتقل الأمر إلى اصطناع اللغات القومية بدل العربية، فضعفت العلاقة بين شعوب إسلامية عديدة وبين كتاب الله. لقد استعادت تلك الشعوب في نظر نفسها لغاتها القومية، ولكنها فرضت حاجزا منيعا بينها وبين القرآن. و قام في أوساطها ما يشبه "الإكليروس"، الذي يجعل العلماء الذين يلمون باللغة العربية وسطاء بين الشعوب الإسلامية و بين الإسلام نفسه. ثم طغت العواطف القومية على الأواصر الدينية في العصر الحديث، وجاء الغزو الحضاري والإستعماري فاخترق هذا الكيان المتناثر للأمة الإسلامية لم يستثن من ذلك مشرقا ولا مغربا.

و شجعه على الإغتراب و الشك في الماضي الإسلامي و في ثراته، في حين أيقظ لديه مشاعر التراث القديم الذي يعبر عن أصوله العرقية، و ينمي لديه "الشعوبية"، ضد الأمة العربية. و ها نحن نعيش اليوم الاغتراب بكل معانيه وأبعاده.

و العبرة الأخرى من جهاد النورسي ومن سيرته أن القرآن الكريم يظل مفزع المؤمن عندما تحيط به أسباب الإرهاق و عوامل الإحباط و اليأس، فيجد فيه المدد الرباني و القوة المعنوية الدافقة، بل يجد فيه المنهج الأقوم لتحدي كل القوى المناوئة، كما يجد فيه الخطاب الهادي لكل فكر يبحث عن الحق و لكل قلب يلتمس نور هذا الحق.

يقول النورسي : "أخذتني الأقدار نفيا من مدينة إلى أخرى، و في هذه الأثناء تولدت في صميم قلبي معان جليلة، نابعة من فيوضات القرآن الكريم أمليتها على من حولي من الأشخاص في رسائل أطلقت عليها "رسائل النور" لأنها انبعثت حقا من نور القرآن الكريم "(5). و هكذا جاء تأليف هذه الرسائل و املاؤها على المحيطين به و المريدين له منهجا من مناهج الدعوة إلى الله التي نهض بها سعيد النورسي بعد أن لاحقه النفي و المطاردة، حتى لا يتصل به أحد أو يتأثر بدعوته. و لكنه برغم ذلك وجد في طائفة من مريديه و طلابه وسيلة لاستنساخ تلك الرسائل  بأيديهم و توزيعها. و بقيت هذه الرسائل تنتشر بهذه الطريقة، على مدى عشرين عاما، في غفلة من السلطات التي كانت قد منعت الكتابة بالحرف العربي، و أغلقت كل المطابع التي تعمل بالحرف العربي. و عندما اتسعت دائرة الطلاب من حوله ازداد انتشار رسائل النور بفضل استنساخ كل من يتلقاها لرسالة أو أكثر من تلك الرسائل خدمة للقرآن. فهذه الطريقة كانت بمثابة جهاد خفي، تحدى به النورسي تطويق القرآن بسدود و حواجز لا تعبر. لقد استطاع النورسي بفضل توهج روحه و إيمانه أن يبقى على شعلة الإيمان في شموع تتحدى غياهب الظلام.

و لا يسعنا اليوم و في هذا السياق بعد أن استوعبنا العبرة من حياة النورسي إلا أن نستحضر قوله تعالى : "يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم و الله متم نوره ولو كره الكافرون"(6).

بقي أن نقول كلمة عن "رسائل النور". هذه الرسائل التي كانت فيضا من استلهام القرآن، للإجابة عن كل ما يخطر بالفكر المؤمن و الفكر الشاك و الفكر الملحد من مشكلات و معضلات. إنها عبارة عن رسائل و إجابات بلغت ستة آلاف صفحة تستعرض كل ما يملأ الفكر الإنساني من مشكلات و يساوره من خواطر مما يؤكد حيوية الفكر الإسلامي و طاقاته العجيبة في كل زمان و مكان لمواجهة معضلات زمانه و أزمات حضارته. و بهذه الرسائل أثبت النورسي لأمته أن الحضارة الغربية و الثقافة الغربية مهما بلغتا من الإنتشار و النفوذ فإنهما لن تقضيا على جذوة القرآن في نفوس أهله، بل إن هذا القرآن لهو بمثابة المشكاة التي لا تستمد زيتها من غير كلام الله الأزلي.

يقول النورسي نفسه عن المهمة التي قامت بها هذه الرسائل :

"إن أجزاء رسائل النور قد حلت أكثر من مائة من أسرار الدين و الشريعة والقرآن الكريم، ووضحتها و كشفتها و ألجمت أعتى المعاندين الملحدين وأفحمتهم، وأثبتت بوضوح كوضوح الشمس ما كان يظن بعيدا عن العقل من حقائق القرآن كحقائق المعراج النبوي و الحشر الجسماني، أثبتتها لأشد المعاندين و المتمردين من الفلاسفة و الزنادقة حتى أدخلت بعضهم إلى حظيرة الإيمان، فرسائل هذا شأنها لابد أن العالم - و ما حوله- بأجمعه سيكون ذا علاقة بها، و لا جرم أنها حقيقة قرآنية تشغل هذا العصر و المستقبل، و تأخذ جل اهتمامه، و أنها سيف المآسي بتار في قبضة أهل الإيمان" (7).

و يقول عن منهجها :

"ثم إن مسلك رسائل النور ليس مسلك الطريقة الصوفية بل هو مسلك الحقيقة، فهو مسلك مقتبس من نور مسلك الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم أجمعين. إن هذا الزمان ليس زمان الطريقة الصوفية بل زمان انقاذ الإيمان. و لله الحمد فإن رسائل النور قد أنجزت و ما تزال تنجز هذه المهمة و في أصعب الظروف. إن دائرة رسائل النور في هذا الزمان هي دائرة طلاب الامام علي و الحسن و الحسين و الشيخ الكيلاني رضوان الله عليهم أجمعين. اذ تلقيت درس الحقيقة -على طريقة أويس القرني- مباشرة من الامام علي رضي الله عنه بوساطة الشيخ الكيلاني (قدس سره) و الامام زين العابدين و الحسن و الحسين رضي الله عنهم، لذا فإن دائرة عملنا و خدماتنا هي دائرتهم"(8).

و يقول عن علاقتها بالفلسفة:

" إن الفلسفة التي تهاجمها رسائل النور و تصفعها بصفعاتها القوية، هي الفلسفة المضرة وحدها، و ليست الفلسفة على إطلاقها، ذلك لأن قسم الحكمة من الفلسفة التي تخدم الحياة الاجتماعية البشرية، و تعين الأخلاق و المثل الانسانية، و تمهد السبل للرقي الصناعي هي في وفاق و مصالحة مع القرآن الكريم، بل هي خادمة لحكمة القرآن، و لا تعارضها، و لا يسعها ذلك، لذا لا تتصدى رسائل النور لهذا القسم من الفلسفة.

أما القسم الثاني من الفلسفة، فكما أصبح وسيلة للتردي في الضلالة و الإلحاد والسقوط في هاوية المستنقع الآسن للفلسفة الطبيعية، فإنه يسوق الإنسان إلى الغفلة والضلالة بالسفاهة و اللهو، و حيث أنه يعارض بخوارقه التي هي كالسحر الحقائق المعجزة للقرآن الكريم، فإن رسائل النور تتصدى لهذا القسم الضال من الفلسفة في أغلب أجزائها و ذلك بنصبها موازين دقيقة، و دساتير رصينة، و بعقدها موازنات و مقايسات معززة ببراهين دامغة، فتصفعها بصفعاتها الشديدة، في حين أنها لا تمس القسم السديد النافع من الفلسفة" (9).

العبرة الأخيرة من هذه الكلمات المتفرقة: أن "النورسي" كان بمثابة "كوكب" في عصره يتلقى نور القرآن وسط مجتمع "أعجمي" ليعكسه على قلوب حائرة، أو باحثة عن الحق و عن الحقيقة وسط تيارات عاتية من الضلال و الالحاد. فكان بحق من الذين ورثوا رسالة "التبليغ" و تحملوها بتفان و إخلاص.

أما العبرة الشخصية التي استفدتها من النورسي و تراثه فهي أنني اكتشفت فيه و من خلاله معنى كون "المؤمن" بمثابة النواة الصلبة التي لا يمكن اختراقها، إذا ما كان هذا المؤمن ينظر بنور الله.

 

_______________________________

(1) سورة الروم: الآية:42

(2)  صيقل الإسلام ص356 .

(3) صيقل الاسلام ص530 .

(4) سورة التوبة: الآية :6

(5) الشعاعات ص 542

(6)  سورة الصف: الآية: 8

(7) الملاحق ص248

(8) الملاحق ص 262- 263

(9) الملاحق ص 286 

قرئت 65 مرات
لإضافة تعليق يرجى تسجيل الدخول أو إنشاء قيد جديد