ما هي الصلاة؟ وما هي أهميتها؟
ما هي الصلاة؟ ولماذا تُعتبر بهذه الأهمية في الإسلام رغم أنها تتكوّن من بعض الحركات؟
أضافه في جمعة, 02/05/2025 - 12:00
الأخ / الأخت العزيز,
إن الله تعالى غني عن كل شيء، فلا يحتاج إلى عبادتنا كما لا يحتاج إلى شيء من خلقه. أما نحن فبحاجة ماسة إلى العبادة؛ لأنها دواء لجراحنا الروحية، وغذاء لأرواحنا، وشفاء لأمراض قلوبنا. من هذا المنطلق، فإن أمر الله لنا بالعبادة إنما هو لخيرنا ومنفعتنا. فكما أن الطبيب يُلح على مريضه بأخذ بعض الأدوية لا لحاجته هو، بل لفائدة المريض وشفائه، فإن التفكير بأن الله تعالى يأمرنا بالعبادة لأنه بحاجة إليها هو تفكير باطل وسخيف.
حكمة خلق الله للكون هي إظهار تجليات أسمائه وصفاته. وهذه التجليات، وهذه التحف الفنية البديعة، لابد ان يدركها الانسان فهو الكائن العاقل في هذا الكون.
لكن الإنسان، لانشغاله بعالم الدنيا، غالباً لا يتأمل في هذا الابداع الإلهي ليستخلص منه دروساً عن وحدانية الخالق، وعلمه، وقدرته، وحكمته. والطريق من الابداع إلى المبدع، ومن الخلق إلى الخالق، لا يُدرك إلا بالتحرر من شواغل الدنيا، وأفضل وسيلة لذلك هي الصلاة.
ولا شك أن للضوء والهواء والماء والغذاء أهمية كبيرة لأجسادنا، لكن للإنسان العاقل، فريضة الصلاة – باعتبارها نور العقل، وهواء القلب، وغذاء الروح – هي ضرورة لا تقل أهمية عن تلك الضروريات.
إن الصلاة، التي تُؤدى خمس مرات في اليوم، هي تعبير عن الاحترام لله تعالى، خالقنا من العدم، وواهبنا النعم، والذي وعد من يعبده باحترام في الدنيا بالخلود في جنات النعيم. فكيف لعقل سليم أن يرضى باستمرار الإساءة لربه بعدم الصلاة؟!
الصلاة هي فهرس لكافة العبادات في الإسلام.
فمن يتوجه إلى القبلة أثناء الصلاة، فكأنه أدى نوعاً من الحج، ومن يمتنع خلالها عن الطعام والشراب، فكأنه صام، ومن يخصص وقتاً من حياته لذكر الله، فكأنه قدّم زكاة عمره. كما أن الحركات المختلفة في الصلاة (قيام، ركوع، سجود) تُشبه في تنوعها عبادة الكائنات الأخرى، من الأشجار إلى الحيوانات فمنها ما هيئتها قائمة ومنها راكعة ومنها الساجدة على الارض .
وحتى الملائكة – بعضهم واقف، وبعضهم راكع، وبعضهم ساجد – يعبدون الله بلا انقطاع. والمصلي، حين يُؤدي هذه الحالات الثلاث في وقت قصير، يكون كأنه يشارك الملائكة عبادتهم، ويُصبح في درجة من التقدّس.
الصلاة علامة أساسية على الإسلام.
فقد جاء في الحديث الشريف:
[ العهدُ الذي بينَنا وبينَهم الصلاةُ، فمَن تركَها فقد كفرَ](أبو داود والترمذي)
فمن دخل في عقد الإيمان، يجب عليه أن يتنفس من هواء العبادة، وأن يُؤدي الصلاة كواجب من واجبات الانتماء الروحي.
النداء إلى الصلاة (الأذان) هو دعوة للوقوف في حضرة ملك الملوك، وهو نداء يُشبه نداء التجمع للعسكر أمام قائدهم. ومَن يتخلف عن هذا النداء خمس مرات في اليوم، فكأنه فرّ من معسكر الطاعة، فأي حال سيكون حاله؟!
الصلاة هي صلة حقيقية مع الله.
هي شكرٌ لرب كريم لا يُعد نعمه، وهي وقفة احترام أمام الخالق العظيم، وهي الحبل النوراني الذي يربط الأرض بالعرش. من أراد نور الحضرة الإلهية، فليتمسك بهذا الحبل.
الصلاة في جماعة لها أهمية عظيمة.
فهي من أعظم شعائر الإسلام، وهي مظهر من مظاهر الوحدة والتضامن، إذ تقضي على الفوارق الطبقية والعنصرية، فكل المسلمين يقفون صفاً واحدًا لا فرق بينهم. إنها وسيلة لتعزيز روابط المجتمع، ولتعميق المعرفة بين المسلمين، وتقوية الجسد الاجتماعي. ومتى كانت لبنات البناء (أي الأفراد) قوية، كان المجتمع قوياً وسليماً.
آيات وأحاديث تؤكد أهمية الصلاة:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}(البقرة:153)
تشير الآية إلى أن من يريد اجتياز امتحان الحياة بنجاح، عليه أن يستعين بالصلاة والصبر معاً. فالصلاة تحتاج إلى صبر، لكنها تُعلّم الإنسان الصبر أيضاً، إذ إن المواظبة على الصلاة تُنظم حياة الإنسان وتضبط سلوكه.
{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ}(البقرة:45)
تُبرز هذه الآية أن الصلاة ثقيلة على من لا يعرف الله حق المعرفة. لذلك تجد من يفتقر إلى هذا الوعي يملّ بسرعة من الصلاة.
{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}(البقرة:238)
{إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ}(العنكبوت:45)
{ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}(المؤمنون:1-2)
الصلاة هي تأكيد العهد الأزلي.
عندما قال الله تعالى في عالم الأرواح: {ألست بربكم؟}،
أجاب الجميع بـ "بلى".
والصلاة هي إمضاء جديد لهذا العهد. إنها معراج المؤمن.
أسئلة إسلامية