شهادة المرأة في الإسلام

The Details of the Question

لماذا تكون شهادة المرأة في الإسلام نصف شهادة الرجل؟

الجواب

الأخ / الأخت العزيز,

تعتمد المسائل الأساسية في الفقه الإسلامي على الوحي، وهي موضحة في القرآن الكريم. هذه الأحكام، التي وضعها خالق الكون، تضمن استقرار المجتمعات وسعادتها بغض النظر عن الزمان والمكان والظروف، لأنها تتوافق تماماً مع الفطرة البشرية. عند دراسة الأحكام القرآنية، نلاحظ أنها تراعي الجانبين المادي والروحي للإنسان.
وينطبق هذا الأمر على مسألة الشهادة أيضاً. يقول الله تعالى في كتابه الكريم:
{ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ ۖ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ}(البقرة:282)
يتضح من هذه الآية أن الأمر يتعلق بطبيعة المرأة الفطرية وتركيبتها النفسية. فالمرأة بطبعها أكثر عاطفية وتأثراً بالأحداث، مما يجعل انفعالاتها تلعب دوراً كبيراً في قراراتها. ولذلك، يوضح القرآن أن المرأة قد تنسى بعض التفاصيل أثناء الشهادة، لذا تحتاج إلى امرأة أخرى تذكرها. وهذا أمر قرره الله سبحانه وتعالى، وهو لا يتغير بمرور الزمن.

فإذا قيل هل هناك نساء يتمتعن بذاكرة أقوى من بعض الرجال؟
نعم، بلا شك هناك نساء يتمتعن بذاكرة قوية. لكن هذا الحكم يستند إلى الصفات العامة التي تغلب على النساء، حيث إن النساء عموماً أقل احتكاكاً بالمعاملات التجارية والحياة العامة مقارنة بالرجال، لذا قد يكنَّ أقل دراية بالأحداث الخارجية.

هل في ذلك انتقاص لحقوق المرأة؟
الإسلام لم يقلل من شأن المرأة في الشهادة، بل خفف عنها عبئاً ثقيلًا. فالشهادة مسؤولية عظيمة، ومن يكتمها يعاني من تأنيب الضمير كما يقول الله تعالى:
{ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ ۚ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}(البقرة:283)
كما أن النبي صلى الله عليه وسلم عدَّ شهادة الزور من كبائر الذنوب، والإسلام أراد أن يحمي المرأة من الوقوع في هذا الإثم، خاصة أنها قد تتأثر بمشاعرها أو قد تتسرع في الحكم على الأمور.

هل شهادة المرأة دائماً نصف شهادة الرجل؟
ليس دائمًا، فالأمر يعتمد على نوع القضية:
• في قضايا الحدود كالزنا والسرقة والقصاص، لا تُقبل شهادة المرأة مطلقاً، ويُشترط أربعة رجال أو رجلان في بعض الحالات.
• في المعاملات المالية والتجارية، تُقبل شهادة رجل وامرأتين.
• في الأمور التي لا يطلع عليها الرجال عادةً، مثل الولادة وإثبات العذرية والرضاعة، تُقبل شهادة امرأة واحدة فقط.
حتى في الطلاق، كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقبل شهادة امرأة واحدة. إذن، القاعدة الأساسية في الشهادة هي ضمان تحقيق العدل وعدم ضياع الحقوق، وليس التقليل من شأن المرأة.

ما الحكمة من عدم قبول شهادة المرأة في الحدود والقصاص؟
لأن هذه القضايا خطيرة جدًا، وقد يترتب عليها فقدان حياة شخص بسبب شهادة غير دقيقة. ونظراً لأن النساء قد يكنَّ أكثر تأثراً بعواطفهن أو قد ينسين بعض التفاصيل، فقد يُؤدي ذلك إلى وقوع الظلم. لذا، احتاط الإسلام في مثل هذه القضايا لتجنب أي خطأ قد يؤدي إلى انتهاك حقوق الآخرين.

الخلاصة:
الإسلام لم يظلم المرأة في مسألة الشهادة، بل حماها وخفف عنها عبئاً ثقيلًا، وراعى طبيعتها النفسية والاجتماعية، وضَمِنَ تحقيق العدالة بشكل دقيق ومتوازن.

أسئلة إسلامية

المؤلف:
أسئلة إسلامية
Subject Categories:
قرئت 2 مرات
لإضافة تعليق يرجى تسجيل الدخول أو إنشاء قيد جديد