كيف نفهم استخدام صيغة الماضي في قوله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ ...}

تفاصيل السؤال

كيف نفهم استخدام صيغة الماضي في قوله تعالى:
{ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ ...}(التوبة:111)

الجواب

الأخ / الأخت العزيز,

يقول الله تعالى في سورة الأعراف (172):
وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ }

وقد فُسّرت هذه الآية الكريمة بوجه عام على أن الله تعالى خلق الأرواح في عالم "الذر" أو "الأرواح"، وأشهدها على ربوبيته، وأخذ منها الميثاق. وقال بعض المفسرين إن هذا الخطاب يتوجه بشكل دائم إلى الأجنة في أرحام أمهاتهم، ويُؤخذ منهم هذا العهد هناك.

وبناءً على هذه الآية وتفاسيرها، فإن من كان من المؤمنين قد وفى بهذا العهد، فيدخل الجنة بفضل الله وكرمه.

قال الأستاذ بديع الزمان سعيد النوسي :
" نعم، إن الصور الذي هو بوق إسرافيل عليه السلام، ليس قاصرا عن البوق العسكري، كما أن طاعةَ الأرواح التي هي في جهة الأبد وعالم الذرات والتي أجابت بـ ﴿ قَالُوا بَلٰى ﴾ (الأعراف:١٧٢)
عندما سمعت نداء ﴿ اَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ﴾ (الأعراف:١٧٢) المُقبل من أعماق الأزل، ونظامَها يفوق بلا شك أضعاف أضعاف ما عند أفراد الجيش المنظم.. "(1)

فالله عز وجل، لأن علمه أزلي، يرى الماضي والحاضر والمستقبل كشيء واحد، أي أن الزمن لا يُقسَّم لديه إلى ماضٍ وحاضر ومستقبل، بل كل شيء مكشوف عنده في وقتٍ واحد. لذلك فإن صيَغ الزمن في القرآن الكريم لا تُفهم بالنسبة إلى الله، بل بالنسبة إلى الإنسان، فالإنسان هو المقيَّد بالزمن.

وبما أن الله يعلم أزلاً من سيبيع نفسه وماله في سبيله ويستحق الجنة، فإنه يُخاطب بصيغة الماضي، وكأن ذلك قد وقع فعلاً. أما نحن، بسبب وجودنا في "نفق الزمن"، فإننا ننظر إلى هذا الحدث على أنه مستقبلي، أي من الغيب.

خلاصة القول:
استخدام الله لصيغة الماضي في هذه الآية إشارة إلى أزلية علمه، وأن ما سيكون، هو عنده بمنزلة ما كان.

 

____________
(1)  كليات رسائل النور- الكلمة العاشرة ص:121.

 

 

أسئلة إسلامية

المؤلف:
أسئلة إسلامية
قرئت 2 مرات
لإضافة تعليق يرجى تسجيل الدخول أو إنشاء قيد جديد