الفرق بين خلق الشر و كسب الشر
السؤال:
نزه المعتزلة الله عن خلق الشر فقالوا ان البشر هم يخلقون افعالهم فهل خلق الشرِ شرٌ؟
الجواب
ان خلق الشرّ ليس شرّاً، وانما كسب ُ الشرّ شرٌ، لأن الخلق والايجاد يُنظر اليه من حيث النتائج العامة. فوجود شر ٍ واحد، اِن كان مقدمةً لنتائج خيّرة كثيرة، فان ايجاده يصبح خيراً باعتبار نتائجه، اي يدخل في حكم الخير
فمثل:النار لها فوائد ومنافع كثيرة جداً، فلايحق لأحد أن يقول: ان ايجاد النار شرّ اذا ما أساء استعمالها باختياره وجعلها شرّاً ووبالاً على نفسه.
وكذلك خلقُ الشياطين وايجادهم فيه نتائج كثيرة ذات حكمة للانسان، كسموّه في سلم الكمال والرقي. فلا يسيغ لمن استسلم للشيطان - باختياره وكسبه الخاطئ - ان يقول: ان خلق الشيطان شرٌ. اذ قد عمل الشر لنفسه بكسبه الذاتي.
أما الكسب الذي هو مباشرةٌ جزئيةٌ للامر، فانه يصبح شراً لأنه وسيلةٌ تُفضي الى شرّ خاصٍ معين، فيكون كسبُ الشرّ بذلك شرّاً، بينما لايكون الايجاد شراً، بل يكون خيراً، لأنه يرتبط بجميع النتائج المترتبة فلا يكون اذن خلق الشرّ شرّاً.
وهكذا ولعدم ادراك المعتزلة هذا السرّ ضلّوا، اِذ قالوا: إن خلق الشر شرٌ وايجاد القُبح قبحٌ. فلم يردّوا الشر الى الله سبحانه وتعالى تقديساً وتنزيهاً له، وتأولوا الركن الايماني: وبالقدر خيره وشرّه من الله تعالى.(1)
نعم!ان في الخلق والايجاد خيراً كثيراً مع تضمنه لشر جزئي، وان ترك خير كثير لأجل شر جزئي، يحدث شراً كثيراً، لذا فان ذلك الشر الجزئي يعدّ خيراً وفي حكمه.فليس في الخلق الإلهي شرٌ ولا قبح، بل يعود الشر الى كسب العبد والى استعداده.(2)
سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) اللمعة الثالثة عشرة - ص: (117)
(2) الكلمة السادسة والعشرون - ص: (542)