تفسير الآية (ثم أنشأناه خلقا آخر)

The Details of the Question

لغوياً هل يمكن تفسير الآية (ثم أنشأناه خلقا آخر), أي ثم أنشأناه انساناً آخر؟ أي انسان جديد يضاف الى الخلق (الناس)؟ مثل جملة (صنع يوسف سفينة فجعلها سفينة أخرى) أي سفينة أخرى تضاف الى سفنه التي معه؟ وما الفرق بين (الخلق - الانشاء - الجعل) جزاكم الله خيراً.

الجواب

الأخ / الأخت العزيز,

  قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ثُمَّ أنْشَأْناهُ خَلْقًا آخَرَ﴾ بعد البحث لم نجد في اي من التفاسير اشارة إلى انه يمكن أن يقصد به انسان آخر يضاف إلى الاول 
بل المقصود هو الانتقال إلى مرحلة جديدة من مراحل تكون الانسان 
يقول ابن كثير في تفسيره:[ ﴿ثُمَّ أنْشَأْناهُ خَلْقًا آخَرَ﴾ أي: ثم نفخنا فيه الروح ، فتحرك وصار (خلقا آخر ) ذا سمع وبصر وإدراك وحركة واضطراب ( فتبارك الله أحسن الخالقين ) وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا جعفر بن مسافر ، حدثنا يحيى بن حسان ، حدثنا النضر يعني : ابن كثير ، مولى بني هاشم حدثنا زيد بن علي ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، قال: إذا أتمت النطفة أربعة أشهر ، بعث إليها ملك فنفخ فيها الروح في الظلمات الثلاث ، فذلك قوله : ( ثم أنشأناه خلقا آخر ) يعني : نفخنا فيه الروح .وروي عن أبي سعيد الخدري أنه نفخ الروح . قال ابن عباس : ( ثم أنشأناه خلقا آخر ) يعني به : الروح . وكذا قال مجاهد ، وعكرمة ، والشعبي ، والحسن ، وأبو العالية ، والضحاك ، والربيع بن أنس ، والسدي ، وابن زيد ، واختاره ابن جرير.]
ويقول الامام فخر الدين الرازي في تفسيره عند هذه الآية :[ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ثُمَّ أنْشَأْناهُ خَلْقًا آخَرَ﴾ أيْ: خَلْقًا مُبايِنًا لِلْخَلْقِ الأوَّلِ مُبايَنَةً ما أبْعَدَها، حَيْثُ جَعَلَهُ حَيَوانًا وكانَ جَمادًا، وناطِقًا وكانَ أبْكَمَ، وسَمِيعًا وكانَ أصَمَّ، وبَصِيرًا وكانَ أكْمَهَ، وأوْدَعَ باطِنَهُ وظاهِرَهُ بَلْ كُلَّ عُضْوٍ مِن أعْضائِهِ وكُلَّ جُزْءٍ مِن أجْزائِهِ عَجائِبَ فِطْرَةٍ وغَرائِبَ حِكْمَةٍ لا يُحِيطُ بِها وصْفُ الواصِفِينَ، ولا شَرْحُ الشّارِحِينَ، ورَوى العَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قالَ: هو تَصْرِيفُ اللَّهِ إيّاهُ بَعْدَ الوِلادَةِ في أطْوارِهِ في زَمَنِ الطُّفُولِيَّةِ وما بَعْدَها إلى اسْتِواءِ الشَّبابِ، وخَلْقِ الفَهْمِ والعَقْلِ وما بَعْدَهُ إلى أنْ يَمُوتَ، ودَلِيلُ هَذا القَوْلِ أنَّهُ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ إنَّكم بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ﴾ وهَذا المَعْنى مَرْوِيٌّ أيْضًا عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ وابْنِ عُمَرَ، وإنَّما قالَ: ﴿أنْشَأْناهُ﴾ لِأنَّهُ جَعَلَ إنْشاءَ الرُّوحِ فِيهِ، وإتْمامَ خَلْقِهِ إنْشاءً لَهُ. قالُوا: في الآيَةِ دَلالَةٌ عَلى بُطْلانِ قَوْلِ النَّظّامِ في أنَّ الإنْسانَ هو الرُّوحُ لا البَدَنُ، فَإنَّهُ سُبْحانَهُ بَيَّنَ أنَّ الإنْسانَ هو المُرَكَّبُ مِن هَذِهِ الصِّفاتِ، وفِيها دَلالَةٌ أيْضًا عَلى بُطْلانِ قَوْلِ الفَلاسِفَةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: إنَّ الإنْسانَ شَيْءٌ لا يَنْقَسِمُ، وإنَّهُ لَيْسَ بِجِسْمٍ ]

بالنسبة للفرق بين الخلق والانشاء والجعل 
- الخلق: فقد ورد في معجم لسان العرب لابن منظور[الخلق في كلام العرب : ابتداع الشيء على مثال لم يسبق إليه ؛ وكل شيء خلقه الله فهو مبتدئه على غير مثال سبق إليه ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ۗ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ قال أبو بكر بن الأنباري : الخلق في كلام العرب على وجهين : أحدهما الإنشاء على مثال أبدعه ، والآخر التقدير ]
- نشأ: مما ورد في معجم لسان العرب عن معنى نشأ [ أنشأه الله : خلقه. وأنشأ الله الخلق أي ابتدأ خلقهم ].
- جعل:  ورد في لسان العرب [ جعل : عمل وهيأ ، وجعل : خلق . وقوله تعالى: ﴿وجعلنا من الماء كل شيء حي ﴾، أي : خلقنا . وإذا قال المخلوق : جعلت هذا الباب من شجرة كذا ، فمعناه صنعته . وقوله - عز وجل: ﴿فجعلهم كعصف مأكول﴾ ; أي : صيرهم ]
ومما ورد في الفرق بين الخلق والجعل ما ذكره الآلوسي في تفسيره:
[ وقيل: «الفرق بين الجعل والخلق أن الخلق فيه معنى التقدير والجعل فيه معنى التضمين» أي كونه محصلاً من آخر كأنه في ضمنه ولذلك عبر عن إحداث النور والظلمة بالجعل تنبيهاً على أنهما لا يقومان بأنفسهما كما زعمت الثنوية].
ويمكننا القول بان الخلق هو الايجاد من العدم أي انشاء شيء من لا شيء بينما الجعل هو انشاء شيء من شيء موجود 
 

أسئلة إسلامية

المؤلف:
أسئلة إسلامية
Subject Categories:
قرئت 8 مرات
لإضافة تعليق يرجى تسجيل الدخول أو إنشاء قيد جديد