المرض مرشد ناصح امين

بسم الله الرحمن الرحيم

 قال تعالى ( ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون ) (الأنبياء35 )

قال ابن عباس( نبتليكم بالشدة والرخاء ، والصحة والسقم، والغني والفقر والحلال والحرام والطاعة والمعصية ، والهدي والضلالة) تفسير الطبري ( 17/25)

 قال تعالى ( ولقد أرسلنا إلي أممٍ من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون ) الأنعام 42. قال الطبري رحمه الله ( فامتحناهم بشدة الفقر والأسقام لعلهم يتضرعون إليَّ ويخلصوا لي العبادة… التفسير ( 7/192)

قال صلى الله عليه وسلم(عجبا لأمر المؤمن ، إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له ) مسلم (2999) 4/2295 .

( ما من مسلم يُشاك شوكةً فما فوقها، إلاّ كُتبت له بها درجة ، ومُحيت عنه بها خطيئة) مسلم ( 2572)

 

قطرة نورية من كليات رسائل النورسي

المرض مرشد ناصح امين

ايها المريض الذي لايطيق! ان الانسان لم يأت الى هذه الدنيا للتمتع والتلذذ. والشاهد على ذلك: رحيل كل آت، وتشيّب الشباب، وتدحرج الجميع في دوّامة الزوال والفراق.وبينا ترى الانسان اكمل الاحياء واسماها واغناها اجهزة بل هو السيد عليها جميعاً، اذا به بالتفكر في لذات الماضي وبلايا المستقبل، يقضي حياته في كدر ومشقة هاوياً بنفسه الى دركاتٍ ادنى من الحيوان.

فالانسان اذاً لم يأت الى هذه الدنيا لقضاء عيش ناعم جميل مغمور بنسمات الراحة والصفاء، بل جاء الى هنا ليغنم سعادة حياةٍ ابدية دائمة بما يُسّر له من سبل التجارة برأس ماله العظيم الذي هو العمر. فاذا انعدم المرضُ، وقع الانسان في الغفلة نتيجة الصحة والعافية، وبدت الدنيا في عينيه حلوة خضرة لذيذة، فيصيبه عندئذ مرضُ نسيان الآخرة، فيرغب عن ذكر الموت والقبر، ويهدر رأس مال عمره الثمين هباءً منثورا.. في حين ان المرض سرعان ما يوقظه مفتحاً عينيه، قائلاً له: "انت لست خالداً ولست سائباً، بل انت مسخّر لوظيفة، دع عنك الغرور، اذكر خالقك.. واعلم بانك ماض الى القبر، وهيئ نفسك وجهّزها هكذ".

فالمرض اذاً يقوم بدور مرشد ناصح امين موقظ، فلا داعي بعدُ الى الشكوى منه، بل يجب التفيّؤ في ظلال الشكر - من هذه الناحية - واذا ما اشتدت وطأته كثيراً فعليك بطلب الصبر منه تعالى.(*)

---------------------

(*) اللمعة الخامسة والعشرون - ص: 317

قرئت 2 مرات
لإضافة تعليق يرجى تسجيل الدخول أو إنشاء قيد جديد