سبب تعدد الاديان

The Details of the Question

لو شاء الله، لكان الدين السماوي ديناً واحداً، لكن لماذا سمح بظهور ثلاثة أديان مختلفة؟

الجواب

الأخ / الأخت العزيز,

الإسلام كلمة لها معانٍ متعددة، كذلك هو الاسم الخاص بالدين الذي أُنزِل على نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم. فالإسلام الذي هو الدين الذي أُنزِل على النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم يختلف اسمه عن دين النبي إبراهيم (عليه السلام). وعلى الرغم من اختلاف الأسماء، فإن هذه الأديان تتفق في الأساسيات، لكنها قد تختلف في التفاصيل.
منذ عهد النبي آدم (عليه السلام) وحتى نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، كان جميع الأنبياء يبلغون الدين الحق. فأسس الإيمان، التي تعد جوهر الدين، بقيت ثابتة عبر الزمن، ولكن الشريعة - التي تشمل العبادات والأحكام المتعلقة بالحياة الدنيوية - قد تغيرت من نبي إلى آخر بما يتناسب مع احتياجات الناس ومتطلبات عصورهم. فقد أرسل الله لكل أمة شريعة تناسبها وفقاً لمصالحها وظروفها. ويؤكد الله تعالى هذا الأمر في سورة المائدة، الآية 48:{ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}

فعلى سبيل المثال، كان اليهود مقيدين بأداء عباداتهم في المعابد والكنائس، بينما يُسمح للمسلمين بالصلاة في أي مكان. كذلك، كانت شريعة النبي موسى (عليه السلام) تحرم تناول الشحوم الحيوانية، بينما في الإسلام، فهي حلال.
يقول الاستاذ سعيد النورسي ذاكراً هذه الحقيقة :
[تتبدل الشرائعُ بتبدل العصور، وقد تأتي شرائعُ مختلفة، وتُرسل رسل كرام في عصر واحد، حسب الأقوام. وقد حدث هذا فعلا.
أما بعد ختم النبوة، وبعثة خاتم الأنبياء والمرسلين عليه أفضل الصلاة والسلام، فلم تعد هناك حاجة إلى شريعة أخرى، لأن شريعته العظمى كافية ووافية لكل قوم في كل عصر.
أمَّا جزئيات الأحكام غير المنصوص عليها التي تقتضي التبديل تبعا للظروف، فإن اجتهادات فقهاء المذاهب كفيلة بمعالجة التبديل ](الكلمات:568)
[كذلك تقتضي الحكمةُ والمصلحة تبدل الأحكام الفرعية في مراتبِ عمرِ نوعِ البشر. فكم من حُكمٍ فرعيٍّ كان مصلحةً في زمان، ودواءً في وقتِ طفوليةِ النوع، لا يبقى مصلحةً في آخَرَ، ودواءً عند شبابية النوع. ولهذا السرّ نَسخَ القرآنُ بعض الفروع. أي بيّن انقضاءَ أوقات تلك الفروع ودخولَ وقت آخر.](إشارات الاعجاز:59)
إن الأحكام الأساسية لجميع الأنبياء واحدة، فلا تتغير ولا تُنسخ. فعلى سبيل المثال، أركان الإيمان ثابتة في جميع الأديان السماوية، والعبادة جزء أساسي منها جميعاً. ولكن في تفاصيل العبادات، مثل طريقة أدائها، وأوقاتها، واتجاه القبلة، فقد حصل فيها النسخ والتغيير.
وبناءً على ذلك، نرى أن الكتب السماوية السابقة لم تطلق أسماء محددة على أديانها، وإنما جاءت تسميات مثل "اليهودية" و"المسيحية" لاحقاً، كأسماء أُطلقت على أتباع تلك الأديان بعد زمن أنبيائهم. وهذا يجعلنا نفهم بشكل أعمق معنى قوله تعالى:{إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}(آل عمران:19)
وعلى الرغم من أن الدين الذي جاء به سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم يحتوي على أحكام خاصة به، إلا أن القرآن الكريم يؤكد مراراً وتكراراً على أنه جاء ليصدق ما سبقه من الشرائع السماوية. وهذا يدل على أن جميع التعاليم الإلهية السابقة كانت ضمن إطار الإسلام، ولكن بحكم الحكمة الإلهية، فقد بلغت هذه التعاليم كمالها مع بعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم
وعليه، فإن السبيل الوحيد لنيل رضا الله هو الإيمان الكامل بجميع ما أنزله.
 

أسئلة إسلامية

المؤلف:
أسئلة إسلامية
Subject Categories:
قرئت 2 مرات
لإضافة تعليق يرجى تسجيل الدخول أو إنشاء قيد جديد