لماذا الإسلام هو الدين الحق؟
لماذا الإسلام هو الدين الحق؟
أضافه في جمعة, 14/02/2025 - 09:31
الأخ / الأخت العزيز,
قال الله تعالى:"{ إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ }( آل عمران: 19)
في اللغة، تعني كلمة "دين" الجزاء سواء كان مكافأة أو عقوبة، وهي تعبر عن العلاقة بين التابع (الذي يتبع) والمتبوع صاحب السلطة. أما في الاصطلاح، فقد عُرِّف الدين بتعريفات مختلفة. هناك اختلافات جوهرية بين تعريفات الدين عند العلماء المسلمين ونظرائهم الغربيين، وكذلك فيما يتعلق بمصدر الدين وأول نشأته.
وفقاً للفهم الإسلامي، فإن الدين هو مجموعة القواعد التي توجه الإنسان ليعيش وفقاً للغاية التي خُلق من أجلها، ويساعده على تحقيق هذا الغرض ضمن نظام منضبط. فالدين هو المؤسسة التي تنظم العلاقة بين السلطة الإلهية المقدسة وبين الإنسان الذي يتبعها بإرادته. ومن خلال هذه الآية الكريمة، يتضح أن الدين الذي له قيمة عند الله يجب أن يقوم على تسليم إرادي وطوعي. بمعنى آخر، وفقاً للفكر الإسلامي، فإن الدين هو التشريع الإلهي الذي يوجه أصحاب العقول بإرادتهم نحو الخير والسعادة.
يُذكر مصطلح الإسلام لأول مرة في القرآن الكريم في هذه الآية.
ومعنى الإسلام في اللغة هو "الالتزام، والطاعة، والخضوع، والسلام"،
أما في الاصطلاح، فيعني "قبول كل ما جاء به النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم والتسليم له بكل كيان الإنسان".
وبهذا، فإن اسم الدين الذي جاء به سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو الإسلام. كما أن مصطلح "الإسلام" في اللغة العربية هو مصدر يعبر عن الدخول في هذا الدين.
أما من اتبع الإسلام، فيُطلق عليه "مسلم".
هناك ارتباط قوي بين المعنى اللغوي والاصطلاحي لكلمة الإسلام. فوفقاً للفهم الإسلامي، الدين هو قانون يمنع النزاعات والصراعات بين الكائنات العاقلة ويحقق التوافق. كما أن الدين لا يقتصر على تنظيم العلاقات بين البشر فحسب، بل يشمل أيضاً العلاقة بين الإنسان والله، مما يحقق الانسجام بين إرادة الخالق وإرادة المخلوق.
جميع الأديان السماوية تقوم على مبدأ التوحيد، ولهذا فإن الدين الذي بلّغه سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا يختلف في الأساس عن الأديان التي جاء بها الأنبياء السابقون. ومع ذلك، يرى بعض العلماء المسلمين أن مصطلحي "دين الإسلام" و"أمة الإسلام" يجب أن يُستخدما فقط للإشارة إلى الدين الذي جاء به سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأتباعه، حتى وإن كان الإسلام يتفق مع الأديان السماوية السابقة في جوهره. ذلك لأن الإسلام يتميز بأحكامه الخاصة التي تخص أمته.
لكن هناك علماء مسلمين آخرين يرون أن الأديان السماوية السابقة يمكن أن تُسمّى أيضاً بالإسلام، مستدلين بآيات قرآنية مثل قول الحواريين للنبي عيسى عليه السلام:{فَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}، وقوله تعالى عن إبراهيم عليه السلام: { كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا}، بالإضافة إلى قوله:{هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ} إلا أن من يخالفون هذا الرأي يرون أن هذه التسمية تنطبق على الأنبياء أنفسهم وليس بالضرورة على أممهم.
من الملاحظ أن الكتب السماوية السابقة لم تعطِ تسمية محددة لأتباعها، فمصطلحا "اليهودية" و"المسيحية" ظهرا لاحقاً، وكانا يُستخدمان لتسمية أتباع النبي موسى وعيسى عليهما السلام. وبناءً على ذلك، يمكن فهم معنى قوله تعالى:{ إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ } بصورة أعمق. فرغم أن الدين الذي جاء به سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم له أحكامه الخاصة، إلا أن القرآن الكريم يؤكد مراراً وتكراراً أنه جاء ليصدّق ما سبقه من الرسالات السماوية، وأن هذه الرسالات في جوهرها كانت ضمن دائرة الإسلام، غير أن الرسالة التي أتى بها سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم جاءت بالشكل الأكمل.
بالتالي، فإن السبيل الوحيد لنيل رضا الله هو الإيمان التام بجميع ما أنزله من تعاليم. وعلى الرغم من إمكانية استخدام تسميات أخرى للأديان في سياقات معينة، فإن الغاية النهائية هي أن يجتمع الساعون إلى الحقيقة في الإطار الذي يرضاه الله. وهذا المفهوم ينعكس بالضرورة على عقل الإنسان ووجدانه. وقد عبّر العلماء المسلمون عن هذا الفهم من خلال مصطلحي "أمة الإجابة" و"أمة الدعوة"، حيث تشير الأولى إلى من استجاب لدعوة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بالفعل، بينما تشير الثانية إلى من لم ينضم بعد ولكن لديه القابلية لذلك.
من هذا المنطلق، فإن تسمية الإسلام بـ"المحمدية" كما يفعل بعض الكتّاب الغربيين ليست دقيقة، لأنها تقيّد الإسلام بشخص النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم بينما هو دين شامل جاء لكل البشر. فمثل هذه التسمية لا تعكس الحقيقة وتؤدي إلى إعاقة التفاهم بين الأمم.
إن الفهم الصحيح لهذه الآية من منظور الهدف النهائي يدل على أن كل من عاش موحّداً لله، ولم يشرك به شيئاً، واتّبع تعاليمه في حياته، فإنه وفقاً للقرآن الكريم يمكن اعتباره "مسلماً". فالكثير من الآيات تؤكد أن النجاة في الآخرة تقوم على هذا الأساس.
الإسلام في معناه الواسع يعني الاستسلام لله بالقلب واللسان والجوارح. ومن بين هذه الأشكال الثلاثة، فإن التسليم القلبي هو الأهم والأعلى قيمة. وفي القرآن، نجد أن مصطلح الإسلام أحياناً يستخدم ليعبر عن الخضوع الظاهري الذي لم يصل بعد إلى درجة الإيمان الحقيقي.
أما عبارة {الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} فتُفهم غالباً على أنها تشير إلى أهل الكتاب، أما مصطلح "العلم" فيفسَّر بأنه "الوحي والآيات الواضحة". وتشير الآية إلى أن أهل الكتاب لم يختلفوا إلا بعد أن جاءهم العلم، أي أن الله أوضح لهم الحق ولم يترك لهم حجة، لكنهم رغم ذلك انحرفوا بدافع الغرور والطمع والمصالح الشخصية. وقد فُسّر هذا الاختلاف بأنه يشمل اليهود والمسيحيين معاً.
من خلال الوقائع التاريخية، يمكن فهم أن هذه الآية تنتقد المجتمعات التي أُنزِل إليها الوحي الإلهي، لكنها بدلاً من الاستفادة منه لتحقيق السلام والتقدم، انشغلت بالصراعات الداخلية والمصالح الذاتية، وأدى ذلك إلى الانقسام والتحزب الديني. وعلى الرغم من هذا التحذير الإلهي، إلا أن بعض المسلمين وقعوا في الأخطاء نفسها، مما شكّل عائقاً أمام تحقيق رسالتهم العالمية ونشر حضارتهم بالشكل المطلوب.
أسئلة إسلامية
- سبب تعدد الاديان
- من هو الكافر؟ وما الأسباب التي تؤدي إلى الكفر؟
- ما هو آخر دين سماوي؟
- هل الإسلام دين ترهيب
- معنى الإيمان بالكتب السماوية
- ما هو الإيمان بالكتب السماوية
- حكمة ذكر قصص الأنبياء في القرآن الكريم
- سبب تعدد الرسل واختلاف الاديان
- الفرق بين الإيمان والكفر
- أهل الكتاب والقرآن قراءة في ضوء رسائل النور