علي بن أبي طالب رضي الله عنه
بسم الله الرحمن الرحيم
هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب واسمه عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة إلى عدنان.
وأمه فاطمة بنت أسد بن هشام، وهي أول هاشمية ولدت هاشميًا، قد أسلمت وهاجرت.
كنيته : أبو الحسن،
لقبه : أبو تراب؛ وكان أحب أسماء علي رضي الله عنه إليه أبو تراب، وإن كان ليفرح أن يدعى به، وما سماه أبا تراب إلا النبي صلى الله عليه وسلم وذلك أنه غاضب يومًا فاطمة فخرج، فاضطجع إلى الجدار في المسجد، فجاءه النبي صلى الله عليه وسلم وقد امتلأ ظهره ترابًا فجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يمسح التراب عن ظهره ويقول: "اجلس أبا تراب"
مولده ونشأته:
رُوي عن ابن إسحاق أنّه وُلد قبل البعثة بعشر سنواتٍ، وهو ما رجّحه ابن حجر العسقلاني.
وأخرج أبو يعلى عن علي -رضي الله عنه- قال: بعث الرسول صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين وأسلمت يوم الثلاثاء وكان عمره حين أسلم عشر سنين،وقيل: دون ذلك،
قال الحسن بن زيد بن الحسن: ولم يعبد الأوثان قط لصغره.
ولما هاجر صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أمره أن يقيم بعده بمكة أياما حتى يؤدي عنه أمانة الودائع والوصايا التي كانت عند النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يلحقه بأهله، ففعل ذلك، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرًا وأحدًا وسائر المشاهد إلا تبوك فإن النبي صلى الله عليه وسلم استخلفه على المدينة، وله في جميع المشاهد آثار مشهورة، وأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم اللواء في مواطن كثيرة،أعطاه الراية في يوم خيبر، وأخبر أن الفتح يكون على يديه وأحواله في الشجاعة وآثاره في الحروب مشهورة.
وكان علي شيخًا سمينًا، أصلع، كثير الشعر، ربعة إلى القصر عظيم البطن، عظيم اللحية جدًّا، قد ملأت ما بين منكبيه بيضاء كأنها قطن، آدم شديد الأدمة.
وعلي رضي الله عنه أحد العشرة المشهود لهم بالجنة وأخو رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمؤاخاة، وصهره على فاطمة سيدة نساء العالمين رضي الله عنها وأحد السابقين إلى الإسلام، وأحد العلماء الربانيين، والشجعان المشهورين، والزهاد المذكورين، والخطباء المعروفين، وأحد من جمع القرآن وعرضه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعرض عليه أبو الأسود الدؤلي وأبو عبد الرحمن السلمي، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو أول خليفة من بني هاشم، وأبو السبطين، أسلم قديما، بل قال ابن عباس وأنس وزيد بن الأرقم وسليمان الفارسي وجماعة: إنه أول من أسلم، ونقل بعضهم الإجماع عليه
قال الإمام أحمد بن حنبل: ما ورد لأحد من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم من الفضائل ما ورد لعلي رضي الله عنه.
أخرج الشيخان عن سعد بن أبي وقاص: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف علي بن أبي طالب في غزوة تبوك، فقال: يا رسول الله تخلفني في النساء والصبيان؟ فقال: "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ غير أنه لا نبي بعدي" .
وعن سهل بن سعد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: "لأعطين الراية غدًا رجلًا يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله"، فبات الناس يدكون ليلتهم أيهم يعطاها ؟ فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها، فقال: "أين علي بن أبي طالب؟ " فقيل: هو يشتكي عينيه، قال: "فأرسلوا إليه"، فأتي به، فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا له، فبرئ حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية.
و عن سعد بن أبي وقاص قال: لما نزلت هذه الآية: { نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُم } (آل عمران) دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليًّا، وفاطمة، وحسنًا، حسينًا فقال:اللهم هؤلاء أهلي.
وأخرج الترمذي عن أبي سريحة، وأبو زيد بن الأرقم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من كنت مولاه فعلي مولاه) وفي روايات اخرى زيادة ( اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه).
وعن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله أمرني بحب أربعة، وأخبرني أنه يحبهم، قيل يا رسول الله سمهم لنا؟ قال: علي منهم يقول ذلك ثلاثا وأبو ذر، والمقداد، وسلمان.
وعن حبشي بن جنادة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: علي مني، وأنا من علي.
وأخرج الترمذي عن ابن عمر قال: آخى رسول الله بين أصحابه، فجاء علي تدمع عيناه، فقال: يا رسول الله آخيت بين أصحابك، ولم تؤاخ بيني وبين أحد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت أخي في الدنيا والآخرة.
وأخرج مسلم عن علي قال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي إِلَيّ أنه لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق.
وأخرج الترمذي عن أبي سعيد الخدري، قال: كنا نعرف المنافقين ببغضهم عليًّا.
وأخرج الترمذي والحاكم عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا مدينة العلم، وعلي بابها"
وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس قال: كانت لعلي ثماني عشرة منقبة ما كانت لأحد من هذه الأمة.
خلافته:
قال ابن سعد: بويع علي بالخلافة الغد من قتل عثمان بالمدينة فبايعه جميع من كان بها من الصحابة رضي الله عنهم
و في جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين خرج طلحة والزبير واخذا عائشة معهم يطلبون بدم عثمان فلقوا علياً في البصرة وكانت وقعة الجمل وقتل فيها طلحة والزبير
ثم خرج عليه معاوية بن أبي سفيان ومن معه بالشام، فبلغ عليًّا فسار إليه، فالتقوا بصفين في صفر سنة سبع وثلاثين، ودام القتال بها أيامًا، فرفع أهل الشام المصاحف يدعون إلى ما فيها، مكيدة من عمرو بن العاص، فكره الناس الحرب، وتداعوا إلى الصلح، فخرجت عليه الخوراج من أصحابه ومن كان معه وقالوا: لا حكم إلا لله، وعسكروا بحروراء، فبعث إليهم ابن عباس، فخاصمهم وحجهم، فرجع منهم قوم كثير، وثبت قوم، وساروا إلى النهروان، فعرضوا للسبيل، فسار إليهم علي فقتلهم بالنهروان، وقتل منهم ذا الثدية، ذلك سنة ثمان وثلاثين،
وفاته :
انتدب ثلاثة نفر من الخوارج: عبد الرحمن بن ملجم المرادي، والبرك بن عبد الله التميمي، وعمرو بن بكير التميمي، فاجتمعوا بمكة وتعاهدوا وتعاقدوا ليقتلن هؤلاء الثلاثة: علي بن أبي طالب، ومعاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، ويريحوا العباد منهم، فقال ابن ملجم: أنا لكم بعلي، وقال البرك: أنا لكم بمعاوية، وقال عمرو بن بكير: أنا أكفيكم عمرو بن العاص، وتعاهدوا على أن ذلك يكون في ليلة واحدة ليلة حادي عشر أو ليلة سابع عشر رمضان، ثم توجه كل منهم إلى المصر الذي فيه صاحبه، فقدم ابن ملجم الكوفة، فلقي أصحابه من الخوارج فكاتمهم ما يريدون إلى ليلة الجمعة سابع عشر رمضان سنة أربعين، فاستيقظ علي سحرًا، فقال لابنه الحسن، رأيت الليلة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله ما لقيت من أمتك من الأود واللدد؟ فقال لي: "ادع الله عليهم"، فقلت: اللهم أبدلني بهم خيرًا لي منهم، وأبدلهم بي شرًّا لهم مني، ودخل ابن الذباح المؤذن على علي، فقال: الصلاة، فخرج علي من الباب ينادي: أيها الناس الصلاة الصلاة، فاعترضه ابن ملجم، فضربه بالسيف، فأصاب جبهته إلى قرنه ووصل إلى دماغه، فشد عليه الناس من كل جانب، فأمسك وأوثق، وأقام علي الجمعة والسبت، وتوفي ليلة الأحد وغسله الحسن والحسين، وعبد الله بن جعفر، وصلى عليه الحسن، ودفن بدار الإمارة بالكوفة ليلًا، وقال شريك: نقله ابنه الحسن إلى المدينة.
وقال المبرد عن محمد بن حبيب: أول من حول من قبر إلى قبر علي رضي الله عنه.
وكان لعلي حين قتل ثلاث وستون سنة.