محاولة ربط دين الإسلام بالهجمات الإرهابية

تفاصيل السؤال

ما رأيك في محاولة ربط دين الإسلام بالهجمات الإرهابية في العالم؟

الجواب

الأخ / الأخت العزيز,

المسلم لا يمكن أن يكون إرهابياً، والإرهابي لا يمكن أن يكون مسلماً حقيقياً
الإسلام هو دين التسامح؛ يعتبر الإنسان أكرم مخلوق، ويعدّ الاعتداء على الأبرياء من أعظم الذنوب. وقد صدع القرآن بهذه الحقيقة في قوله:
{مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}(المائدة:32)
الواقع أن المسلم لا يخدم الموت، بل يخدم الحياة.

ويجب علينا في هذا السياق أن نتذكر مبدأين أساسيين من مبادئ العدالة التي قررها الإسلام:
1. المبدأ الأول: الآية القرآنية { وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ}(الأنعام: 164). أي لا يمكن معاقبة شخص بسبب جريمة شخص آخر. في الإسلام، العقوبات والمسؤوليات فردية.
2. المبدأ الثاني: الأصل في الذمم البراءة. أي لا يُتَّهم أحد حتى تثبت إدانته، ولا يجوز معاقبة أحد دون دليل قاطع. وفي البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
[لَنْ يَزَالَ المُؤْمِنُ في فُسْحَةٍ مِن دِينِهِ، ما لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا] (البخاري)

الإسلام يعني السلام والمسالمة. وهذا يدل على أن السلام الحقيقي، في الجسد والعقل، لا يتحقق إلا بطاعة الله والتسليم له. ولا يكون المسلم مسلماً كاملًا إلا إذا عاش في انسجام وسلام مع مجتمعه. فالحياة في طاعة الله تولد الطمأنينة في القلب، وتؤسس للسلام الحقيقي في المجتمع.
قال الله تعالى:
{ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}(الرعد:28)
لقد أبلغ أنبياء الله جميعهم هذه الحقيقة أثناء دعوتهم الناس إلى الهداية. ويجب أن نتذكر هنا حديث النبي صلى الله عليه وسلم:
[قالَ عمارٌ ثلاثٌ مَنْ جمعَهُنَّ فقدْ جمعَ الإيمانَ الإنصافُ مِن نفسِكَ وبذلُ السَّلامِ للعالمِ والإنفاقُ مِنَ الإِقْتَارِ](البخاري)
وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم:
[كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِهِ](البخاري)
[يسِّرا ولا تعسِّرا، وبشِّرا ولا تنفِّرا، وتطاوعا ولا تختلفا](مسلم)
[ليس بمؤمنٍ من بات شبعان وجارُه إلى جنبِه جائعٌ وهو يعلمُ](أبو يعلى)
[ المُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسانِهِ ويَدِهِ](البخاري)

وباختصار، لم يهمل الإسلام لا الفرد ولا المجتمع، بل سعى إلى تحقيق التوازن الكامل بينهما. رسالة الإسلام موجهة إلى البشرية جمعاء. فالله رب العالمين {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}(الفاتحة)،
ورسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أُرسل إلى كافة الناس، كما في قوله تعالى:
{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}(الأعراف:158)
{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}(الأنبياء:107)

في الإسلام، جميع الناس متساوون دون اعتبار لاختلاف اللون أو اللغة أو العرق أو الوطن. وحتى في هذا العصر الذي يسمى بعصر التنوير، لا يزال هناك تمييز ومعاملة غير متساوية بين البشر. والإسلام جاء ليزيل كل هذه التفرقة ويؤكد على المساواة لأن الجميع مخلوقون من الله.

إن الإسلام يحمل في جوهره نظرة إنسانية عالمية، ويرفض بشدة أي تمييز قائم على اللون أو القبيلة أو الدم أو المنطقة. نحن ندين كل عدوان يُمارس ضد الإنسانية، ونتألم لكل اعتداء يطال الأبرياء. الإسلام حرّم بشدة المجازر الجماعية التي يُقتل فيها المظلومون إلى جانب الظالمين. ولا يجوز في الإسلام معاقبة أحد بسبب خطأ غيره.

الإسلام لا يبيح قتل الأبرياء أو العُزّل بأي شكل من الأشكال. وإذا ثبت أن هناك بعض الأفراد من المسلمين ارتكبوا مجازر كما تدعي بعض وسائل الإعلام المنحازة، فإننا ندينهم باسم الإسلام، ونعتبرهم مذنبين ومجرمين. ونؤكد أن الظالمين، مهما كانت ديانتهم أو جنسهم أو عرقهم، يجب أن يُعاقبوا بعقوبات رادعة.

أسئلة إسلامية

المؤلف:
أسئلة إسلامية
Subject Categories:
قرئت 2 مرات
لإضافة تعليق يرجى تسجيل الدخول أو إنشاء قيد جديد