ما هي الشريعة

تفاصيل السؤال

ما هي الشريعة؟ كيف نعيش بها؟ وهل هي صالحة في هذا العصر؟

الجواب

الأخ / الأخت العزيز,

لقد أبدى الإسلام رأيه في الأمور الإدارية كما فعل في باقي مجالات الحياة، فوضع مبادئ معينة لإدارة الدولة. وتُطبق التفاصيل بناءً على هذه المبادئ. يجب إدارة الدولة وفقًا لمبادئ مثل: العدل، القانون، عدم انتهاك حقوق الناس، وعدم إساءة استخدام السلطة.
الشريعة هي الاسم العام للأحكام التي جاء بها الإسلام، وتشمل كذلك إدارة الدولة.
نحن مضطرون لشرح الإسلام الحقيقي وعيشه بما يتوافق مع تعاليمه. ولهذا، فإن بعض الممارسات التي تُنفذ باسم الإسلام ولكنها لا تتماشى مع روحه تضر بالإسلام والمسلمين.
تصادف شخصًا يتحدث عن صلاته وصيامه، وبعد استمرار الحديث، تكتشف أن هذا الشخص الذي يُطبق أهم ركنين من الشريعة يعارض الشريعة، فتندهش!
وتقابل شخصًا آخر يدافع بحرارة عن الشريعة، لكنك حين تتأمل عالمه الداخلي وعباداته، تجد أنه لا يظهر في عباداته عُشر الحماس الذي يظهره عند الحديث عن تطبيق الحدود الشرعية، فتندهش مجددًا!
وتخرج بانطباع واحد عن هذين الشخصين: إنهما لا يعرفان ما هي الشريعة!
ما هي الشريعة؟ وما ليست هي بالشريعة؟
الشريعة تعني "الدين"، و"أوامر الله"، و"الأوامر والنواهي الإلهية".
نعتقد أنه يجب على الإنسان أن يعرف معنى المفهوم سواء قبله أو رفضه. أما تأييده أو معارضته، فذلك أمر آخر.
"الشريعة" من أكثر المفاهيم التي أُثير حولها الجدل. فكثيرون يتحدثون عنها، سواء علموا معناها أم لا.
لننظر أولًا إلى تعريف شمس الدين سامي للشريعة في قاموسه الشهير يقول الشريعة هي:"القانون الإلهي المُؤسس على أوامر ونواهي الله وعلى أسس من الآيات والأحاديث وإجماع الأمة."
يبرز عنصران أساسيان في هذا التعريف:
1.    أن الشريعة هي أوامر ونواهٍ إلهية.
2.    أنها مؤسسة على القرآن، الحديث، والإجماع.
أما الشيخ عمر ناصوحي بلمن، فقد شرح هذا المصطلح تفصيلًا في كتابه "قاموس الحقوق الإسلامية والمصطلحات الفقهية"، فقال:
"الشريعة هي مجموع الأحكام الدينية والدنيوية التي وضعها الله لعباده. وهي بهذا المعنى مرادفة للدين، وتشمل العقائد (الأحكام الأصلية)، والعبادات، والأخلاق، والمعاملات (الأحكام الفرعية العملية)."
ويضيف:
"الشريعة، بمعناها العام، تعني القانون الإلهي الذي أتى به نبي من الأنبياء. وعندما نقول الأحكام الشرعية، فإننا نقصد الأحكام الإلهية المستندة صراحة إلى القرآن، والسنة، والإجماع."
النقاط الأساسية الواردة في هذا التعريف:
1.    الشريعة وُضعت من قِبل الله لعباده.
2.    الشريعة تشمل جميع الأحكام الدينية والدنيوية.
3.    الشريعة مرادفة لكلمة "دين".
4.    تتضمن العقائد، والعبادات، والأخلاق، والمعاملات.
5.    تُطلق الشريعة على القوانين التي جاء بها كل نبي.
6.    الأحكام المستندة صراحة إلى القرآن والحديث والإجماع تُعد من الشريعة.
ومن بين أكبر المفسرين في عصرنا، الإمام محمد حمدي يازر، قال في تفسيره القيم "حق الدين، لسان القرآن":
"الشريعة في اللغة: الطريق المؤدي إلى مورد الماء. واصطلاحًا: الطريق الذي أوحاه الله لتحقيق حياة أبدية وسعادة حقيقية للناس. وهو مزيج من الأحكام الإلهية والمسلك المستقيم."
نقاط مهمة من هذا التعريف:
1.    الله هو من وضع الشريعة، وألزم بها عباده.
2.    الشريعة أُرسلت ليصل الإنسان إلى السعادة الأبدية.
3.    الشريعة هي الطريق المستقيم، وتتكون من أحكام خاصة.
4.    الشريعة تعني الدين.
أما الإمام بديع الزمان سعيد النورسي فقد قال:
الشريعة اثنتان:
إحداها: هي الشريعة المعروفة لنا، التي تنظّم أفعال الانسان وأحواله، ذلك العالم الأصغر، والتي تأتي من صفة الكلام.
الثانية: هي الشريعة الكبرى الفطرية، التي تنظم حركات العالم وسكناته، ذلك الإنسان الأكبر، والتي تأتي من صفة الإرادة. وقد يطلق عليها خطأً اسم الطبيعة.
وهذا يعني:
1.    الشريعة التي تنظم حياة الإنسان العملية مصدرها كلام الله.
2.    الشريعة التي تنظم حركة الكون مصدرها الإرادة الإلهية، وليس "الطبيعة" كما يزعم البعض.
3.    انتظام الكون ناتج عن طاعته التامة للقوانين الفطرية الإلهية. ولو أطاع الإنسان الشريعة بنفس الشكل، لتحقق الانسجام والسعادة.
4.    الشقاء سببه العصيان، والسعادة الدنيوية كما الأخروية طريقها الإسلام.
إذًا، الشريعة هي "أحكام الدين".
والإنسان حر في القبول أو الرفض، فـ"لا إكراه في الدين."
كيف تعيش في ضل الشريعة؟
الله، الذي زرع في النواة قدرة التحول إلى شجرة، ووضع تحقق هذا التحول في شروط معينة: التربة، الماء، ضوء الشمس... هذا النظام يُسمى "الشريعة الفطرية".
كذلك الإنسان نواة يمكن أن تُثمر جنة، والشريعة هي مجموعة القوانين التي يجب عليه اتباعها ليكون أهلًا للجنة.
كل عضو، وكل إحساس في الإنسان، لا يرقى إلا إذا عَمِل في إطار أوامر الله.
العقل يهتدي إلى معرفة الله، اللسان يُرشح لمجالس الذكر، الجسد يستحق نعيم الجنة...
الحب، الخوف، الشفقة، البصر، السمع، اليد، الرجل... لا تسمو إلا إن أطاعت الله.
الشريعة هي الطريق إلى الحقيقة. معناها اللغوي: "الطريق المؤدي إلى الماء."
إدعاء الوصول إلى الحقيقة دون الشريعة، أوهام لا تُجدي.
للوصول إلى الحقيقة، يجب أولًا الالتزام بأوامر الله بدقة، وتقوية القلب والروح بالعبادات النافلة.
الشريعة ليست فقط قوانين العقوبات، بل هي أيضًا:
•    عدم الكذب
•    عدم الغيبة
•    عدم النظر بسوء إلى عرض الناس
•    السعي للكسب الحلال
...وكل من يلتزم بذلك فهو يعيش وفق الشريعة.
أساس الدين، وجوهر الشريعة، مبني على طبيعة الإنسان.
في عالم الجمادات، كل ذرة تخضع لمشيئة الله بدون إرادة.
الملائكة كذلك ليس لهم إرادة كالإنسان، بل ينفذون أوامر الله فقط.
أما الإنسان فله إرادة، وعقله، ولسانه، وحواسه، ومشيئته... يتحكم بها كيف يشاء.
هذه الإرادة موضع امتحان، وهي المسؤولة عن طريق الجنة أو النار.
والشريعة هي مجموعة من الأوامر والنواهي التي توجه الإرادة إلى ما يُرضي الله، وتحذر من مخالفة ذلك.
في الإسلام، حتى الشؤون الدنيوية لها قواعد شرعية. من يلتزم بها، يعبد الله ويعيش حياة أسعد.
معظم النقاشات حول الشريعة تتركز على قسمين: المعاملات والحدود.
لكن الإسلام ليس فقط هذه الأحكام. هو دين متكامل، يشمل:
1.    واجبات الإنسان نحو نفسه
2.    واجباته نحو أسرته
3.    واجباته نحو المجتمع
كل منكر لأيٍ منها قد يكفر، وكل مخالف يأثم.
وأولى هذه الواجبات: العبادة.
كل الكتب السماوية دعت إلى العبادة والأخلاق، ولكن الشريعة الإسلامية تشمل أيضًا قوانين الدولة والمجتمع بتكامل.
الغاية من خلق الإنسان مشتركة في كل الأديان.
وقد عبر عنها القرآن بقوله:
{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}(الذاريات:56)
أما أحكام الحدود والعقوبات فهي مشروطة.
المسلمون في الغرب لا يستطيعون تطبيقها، ولا يُسألون عنها شرعًا.
اتهام المؤمنين بالإعراض عن الدين لمجرد عدم تطبيق هذه الحدود ظلم، ويهدد وحدة المسلمين. ويجب الحذر الشديد من ذلك.
 

أسئلة إسلامية

المؤلف:
أسئلة إسلامية
Subject Categories:
قرئت 2 مرات
لإضافة تعليق يرجى تسجيل الدخول أو إنشاء قيد جديد