تعريف الخمر وحكمه
ما هو الخمر؟ وكيف ينظر الإسلام إلى المشروبات التي تُذهب العقل؟
أضافه في أربعاء, 23/04/2025 - 09:50
الأخ / الأخت العزيز,
المشروبات التي تُذهب قدرة العقل على التفكير السليم وتُسبب حالة تُسمى "السكر"، وتُعطل ملكة التمييز والإدراك.
لقد حرّم القرآن الكريم الخمر وأخبر بأنها محرمة:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}(المائدة:90)
وقد قال معظم الفقهاء إن كلمة "الخمر" في الآية تشمل كل ما يُذهب العقل من المشروبات المسكرة. وقد فسر الحنفية "الخمر" بأنها عصير العنب إذا غلى واشتدّ وظهرت فيه الرغوة، وهذا فقط ما يُطلق عليه اسم الخمر عندهم، أما باقي أنواع المشروبات المسكرة فلا يشملها اسم "الخمر" صراحةً، لكنها تُلحق به في التحريم لأنها تُسكر. وأغلب الفقهاء يرون أن كل ما يُسكر قليله أو كثيره فهو حرام وداخل تحت مسمى الخمر.
وقد اهتم الإسلام بحفظ خمسة أشياء أساسية: العقل، الصحة، المال، العرض، والدين، ومتعاطي الخمر لا يمكنه الحفاظ على أيٍّ منها.
وقد جاءت آيات تحريم الخمر في القرآن الكريم بشكل تدريجي:
1. في المرحلة الأولى (بمكة) لم يكن هناك حكم واضح بالتحريم، وإنما لفت نظر:
{ وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}(النحل: 67)
2. ثم جاء عمر بن الخطاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "يا رسول الله، إن الخمر تفسد المال وتذهب العقل، فادع الله أن يبيّن لنا فيها بيانًا شافيًا"، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت الآية:
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا}(البقرة:219)
بعض الصحابة أقلع عن شربها، وبعضهم استمر بحجة أن فيها منفعة.
3. ثم حصل موقف أثناء صلاة المغرب، حيث أمَّ أحدهم الجماعة وهو سكران، فتلا سورة الكافرون بشكل خاطئ، فدعا عمر: "اللهم بيّن لنا أمر الخمر بيانًا شافيًا"، فنزلت الآية:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}(النساء، 43)
فحرمت الخمر في أوقات الصلاة فقط، فصاروا يشربونها بعد العشاء ويؤدون الفجر بعد زوال أثرها.
4. ثم حصلت حادثة أخرى في وليمة زفاف أقامها عتبة بن مالك، حضرها سعد بن أبي وقاص، فلما شربوا الخمر تفاخر سعد بقومه وهجى الأنصار، فغضب أحدهم وضربه بعظم جمل حتى شجّه. فاشتكى سعد للنبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت الآية الحاسمة:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ}(المائدة:90-91)
ومن أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في تحريم الخمر:
[ كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وكُلُّ مُسْكِرٍ حَرامٌ، ومَن شَرِبَ الخَمْرَ في الدُّنْيا فَماتَ وهو يُدْمِنُها لَمْ يَتُبْ، لَمْ يَشْرَبْها في الآخِرَةِ ](مسلم)
[ما أسْكرَ كثيرُهُ فقليلُهُ حرامٌ](النسائي)
[أنَّ طَارِقَ بنَ سُوَيْدٍ الجُعْفِيَّ سَأَلَ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَنِ الخَمْرِ فَنَهَاهُ أَوْ كَرِهَ أَنْ يَصْنَعَهَا، فَقالَ: إنَّما أَصْنَعُهَا لِلدَّوَاءِ، فَقالَ: إنَّه ليسَ بدَوَاءٍ وَلَكِنَّهُ دَاءٌ](مسلم)
[ليشرَبنَّ ناسٌ من أمَّتي الخمرَ يُسمُّونَها بغيرِ اسمِها](أبو داود)
تحريم الخمر ثبت بإجماع الأمة، واتفق عليه الفقهاء، رغم وجود بعض الاختلافات بين المجتهدين في بعض الأنواع.
وقد رفع عمر بن الخطاب هذه الشبهات فقال من على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم(والخَمْرُ ما خامَرَ العَقْلَ)
وعلى هذا فإن كل ما يُذهِب العقل ويفسد القدرة على التمييز، سواء كان سائلاً أو صلباً، فهو خمر. كالمخدرات مثل الأفيون والهيروين، لأنها تغيّر وظائف العقل، وتؤدي إلى التوهم، وتُضعف الإرادة، وتدمر الصحة والنفس والأخلاق، وتُفسد الإنسان والمجتمع.
فالإسلام يأمر بكل ما فيه نفع للفرد والمجتمع، وينهى عن كل ضار، وقد أثبت الطب الحديث أن هذه المحرمات - مثل الخمر ولحم الخنزير - لها أضرار مادية ومعنوية عظيمة.
كما حرّم الإسلام شرب الخمر، فقد حرّم أيضًا بيعها وترويجها، فعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:[ لُعِنتِ الخمرُ على عشرةِ أوجُهٍ : بعينِها ، وعاصرِها ، ومعتَصرِها ، وبائعِها ، ومُبتاعِها ، وحاملِها ، والمحمولةِ إليهِ ، وآكِلِ ثمنِها ، وشاربِها ، وساقيها]( ابن ماجه).
وفي الحديث ايضا [إِنَّ رَجُلًا أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاوِيَةَ خَمْرٍ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَهَا ؟ قَالَ : لَا ، فَسَارَّ إِنْسَانًا ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بِمَ سَارَرْتَهُ ؟ ، فَقَالَ : أَمَرْتُهُ بِبَيْعِهَا ، فَقَالَ : إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا](مسلم)
أسئلة إسلامية
- ما هو الحديث النبوي
- سبب صوم يوم عاشوراء
- الأقربون أولى بالمعروف
- سَعِيد بن زَيْد
- مفهوم الجهاد في ضوء الآيات والأحاديث
- لماذا لم يكن النبي محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن يقاتل في الحروب
- دلائل نقلية على وجود الروح
- محاولة ربط دين الإسلام بالهجمات الإرهابية
- إعطاء جلد الأضحية للجزار على سبيل الأجر
- ما هي المسيحية