سَعِيد بن زَيْد
بسم الله الرحمن الرحيم
سَعِيد بن زَيْد رضي الله عنه
هو سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى ويصل نسبه إلى كعب بن لؤي القرشي وهو ابن عم عمر بن الخطاب و زوج أخته فاطمة بنت الخطاب، التي كانت سبباً في إسلام عمر، كما كانت أخت سعيد بن زيد وهى عاتكة بنت زيد زوجة عمر.
وكان والده زيد بن عمرو بن نفيل أحد الحنفاء الذين اتبعوا دين إبراهيم عليه السلام، فلم يكن يذبح للأصنام ولا يأكل الميتة حيث كان يقول لقومه: يا معشر قريش والله لا آكل ما ذُبح لغير الله، والله ما أحد على دين ابراهيم غيري، وكان الخطاب عمه و أيضا أخاه من أمه ، فكان يلومه على فراق دينه وقد آذاه ، فنزح عنه إلى أعلى مكة ، فنزل حراء ، فوكل به الخطاب شبابا سفهاء لا يدعونه يدخل مكة ، فكان لا يدخلها إلا سرا، فسار زيد إلى الشام والجزيرة والموصل يسأل عن الدين القيم ، فرأى النصارى واليهود ، فكره دينهم، وقال: اللهم إني على دين إبراهيم ولكن لم يظفر بشريعة إبراهيم عليه السلام كما ينبغي ، ولا رأى من يوقفه عليها ، وهو من أهل النجاة ، فقد شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بأنه يبعث أمة وحده ، رأى النبي صلى الله عليه وسلم، لكنه مات قبل البعثة.
قال سعيد قلت: يا رسول الله ، إن أبي كان كما قد رأيت وبلغك ولو أدركك لآمن بك واتبعك فاستغفر له. قال: " نعم ، فأستغفر له ، فإنه يبعث أمة وحده " .
وأمُّه: فاطمة بنت بعجة بن مليح الخزاعية كانت من السابقين إلى الإسلام
وامرأته: هي فاطمة ابنة عمه الخطاب، أخت عمر
كنيته: أبو الأعور
مولده ونشأته:
ولد سعيد بن زيد في مكة قبل البعثة النبوية ببضع عشرة سنة؛
كانت نشأته في كنف أبيه زيد بن عمرو بن نفيل، والذي كان على دين نبي الله إبراهيم عليه السلام، (فلم يكن زيد يعبد الأصنام، ولا يشرك بالله شيئاً)، فحري بمن نشأ وترعرع في هذا البيت، أن يسارع إلى تصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يدعوا إليه، فكان سعيد من السابقين في الإسلام، فقد أسلم على يد أبي بكر الصديق ، لما عرض عليه الإسلام فلبّى دون تأخر، وكان إسلامه هو وزوجته فاطمة بنت الخطاب قبل أن يتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم مركزاً لدعوته.
و قد جعل الله سعيد بن زيد وزوجته سبباً في هداية عمر بن الخطاب، وذلك أن عمر كان متجهاً لقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ، فلقيه أحد الصحابة ممن يكتمون إسلامهم وسأله إلى أين يابن الخطاب؟ فقال لأقتل محمد، فقال وهل تظن بني هاشم تاركيك، عليك بأختك وصهرك فقد تبعا محمد، فتوجه إلى بيت أخته فاطمة، وسألها عن حقيقة اتباعها لدين محمد فأجابته بالموافقة فضربها على وجهها وأدماها، لكن الله شرح صدره للإسلام عندما رأى دماء أخته.
وكان من المهاجرين الأولين، وآخى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينه وبين أَبِي بْن كعب،
وكان سعيد رجلا ، آدم ، طويلا ، أشعر
فضائله ومناقبه:
أحد العشرة المشهود لهم بالجنة ، ومن السابقين الأولين، أسلم سعيد قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم .
عن سعيد بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اسكن حراء; فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد ". وعليه النبي، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد، وعبد الرحمن، وسعيد بن زيد.
لم يحضر معركة بدر ولكن عد في البدريين ذكر ابن سعد في " طبقاته " عن الواقدي، عن رجاله قالوا: لما تحين رسول الله صلى الله عليه وسلم وصول عير قريش من الشام، بعث طلحة وسعيد بن زيد قبل خروجه من المدينة بعشر، يتحسسان خبر العير، فبلغا الحوراء، فلم يزالا مقيمين هناك، حتى مرت بهم العير، فتساحلت، فبلغ نبي الله الخبر قبل مجيئهما، فندب أصحابه، وخرج يطلب العير، فتساحلت وساروا الليل والنهار، ورجع طلحة وسعيد ليخبرا، فوصلا المدينة يوم الوقعة، فخرجا يؤمانه، وضرب لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمهما وأجورهما.
وشهد المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد حصار دمشق وفتحها، فولاه عليها أبو عبيدة بن الجراح، فهو أول من عمل نيابة دمشق من هذه الأمة.
ولم يكن من الستة الذين حددهم عمر ليتم اختيار الخليفة من بينهم، ليس لأنه أقل منهم في الرتبة أو المنزلة، وإنما تركه عمر؛ لئلا يبقى له فيه شائبة حظ; لأنه ختنه وابن عمه، وأخرج منها ولده وعصبته.
و كان من جملة من بايع لعثمان بن عفان بعد انتهاء الشورى له، ثم بايع عليًا بعد مقتل عثمان، ولم يُذكَر في الأحداث والغزوات في عهد عثمان، وليس له ذكرًا في فتنة مقتل عثمان، ولا في وقعتي الجمل صفين، ويُرجّح أنه كان من معتزلي الفتنة. فظل يسكن في أرضه بالعقيق،
وأثناء ولاية مروان بن الحكم للمدينة المنورة، ولم يبايع سعيد ليزيد بن معاوية، فلمّا كتب معاوية إلى مروان بالمدينة أن يبايع لابنه يزيد للخلافة من بعده، جاء رجل من أهل الشام وقال لمروان: «ما يحبسك؟» قال: «حتى يجيء سعيد بن زيد فيبايع؛ فإنه سيد أهل البلد، إذا بايع بايع الناس»، قال الشامي: «أفلا أذهب فآتيك به؟»، فذهب الشامي إلى سعيد بن زيد وقال له: «انطلق فبايع.» قال سعيد: «انطلق، فسأجيء فأبايع»، فقال الشامي: «لتنطلقن، أو لأضربن عنقك.» قال: «تضرب عنقي؟ فوالله إنك لتدعوني إلى قوم أنا قاتلتهم على الإسلام.» فرجع الشامي إلى مروان، فأخبره، فقال له مروان: اسكت. ثم ماتت أحد أمهات المؤمنين وكانت قد أوصت أن يصلي عليها سعيد بن زيد، فقال الشامي لمروان: «ما يحبسك أن تصلي على أم المؤمنين.» قال: «انتظر الذي أردت أن تضرب عنقه، فإنها أوصت أن يصلي عليها.» فقال الشامي: «استغفر الله.».
عن هشام بن عروة، عن أبيه أن أروى بنت أويس ادعت أن سعيد بن زيد أخذ شيئا من أرضها، فخاصمته إلى مروان، فقال سعيد: أنا كنت آخذ من أرضها شيئا بعد الذي سمعت من رسول الله؟ سمعته يقول: " من أخذ شيئا من الأرض طوقه إلى سبع أرضين " قال مروان: لا أسألك بينة بعد هذا، فقال سعيد: اللهم إن كانت كاذبة، فأعم بصرها، واقتلها في أرضها. فما ماتت حتى عميت، وبينا هي تمشي في أرضها، إذ وقعت في حفرة فماتت.
وفاة
توفي سعيد بن زيد بالعَقيق، و حُمِل إلى المدينة فدفن فيها، وذلك في سنة إحدى وخمسين من الهجرة النبوية (51هـ/671م)، وهو ابن بضع وسبعين سنة، وغسله سعد بن أبي وقاص، وكفنه، وخرج معه، ونزل في قبره، ومعه ابن عمر .