أهمية العدل في الإسلام
ما مدى أهمية العدل في الإسلام؟
أضافه في خميس, 24/04/2025 - 14:04
الأخ / الأخت العزيز,
قال الله تعالى في آية كريمة:
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}(النحل:90)
وهذا يدل على أن الله سبحانه وتعالى لا يرضى بالظلم والفساد.
فالله، العادل المطلق، ليس غافلاً عن ما يفعله الظالمون، وسيحاسبهم أمام عدله الإلهي على كل صغيرة وكبيرة من خيانتهم وظلمهم.
وفي آية أخرى، يُحذر حتى من الميل القلبي للظالمين، فيقول سبحانه:
{وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}(هود:113)
ويقول الله أيضاً:
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ }(النساء:58)
الملفت في هذه الآية أنه قال "بين الناس" ولم يقل "بين المؤمنين"، أي أن العدل واجب تجاه الجميع، سواء كانوا أصدقاء أم أعداء.
كما يقول سبحانه:
{ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}(الزلزلة:7-8)
من أهم أسس العدالة في الإسلام:
أن لا يُحاسَب أحد على ذنب غيره، فلا يُحمل أحد وزر غيره، كما قال تعالى:
{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ}(فاطر:18)
فكل إنسان يتحمل مسؤولية ذنبه فقط. ومن ارتكب جريمة، هو وحده من يُحاسب عليها. أما إذا تسبب أحد في وقوع الآخر في الذنب، فكلاهما مسؤولان.
وقد حدد الله في القرآن الكريم حدودًا كثيرة لضمان عدم تعدي الناس على حقوق بعضهم البعض، وسماها "حدود الله". وتجاوز هذه الحدود هو ظلم يستوجب العقاب الإلهي.
قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث شريف:
[ إنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ في الدُّنْيَا ]
وقد حذّر الله في عدة آيات من عواقب الظلم، نذكر منها مثالين:
{فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ}(الحج:45)
{ وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ}(الأنبياء:11)
الإسلام وحقوق غير المسلمين:
يأمر الإسلام باحترام حقوق غير المسلمين أيضاً، خاصة في حالة السلم، حيث تُحفظ حقوقهم تماماً كما تُحفظ حقوق المسلمين.
وقد قرر فقهاء المذهب الحنفي أن:
"من قتل غير مسلم ظلماً في دار السلم، يُقتص منه، أي يُحكم عليه بالقتل."
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم مهددًا من يؤذي غير المسلم المعاهد:
[ ألا مَن ظلمَ مُعاهدًا، أوِ انتقصَهُ، أو كلَّفَهُ فوقَ طاقتِهِ، أو أخذَ منهُ شيئًا بغَيرِ طيبِ نفسٍ، فأَنا حَجيجُهُ يومَ القيامةِ ]
موقف الإسلام من الظلم والإرهاب:
من الواضح أن من يرتكب الظلم أو الإرهاب من المسلمين، فقد ابتعد عن روح الإسلام، ويجب البحث عن مصدر هذا الانحراف في جهلهم وغلبة أهوائهم، لا في الدين ذاته.
فالإنسان ليس معصوماً من الخطأ، ولكن الخطأ لا يُدين الدين، بل يُدان صاحبه فقط. تحميل الدين مسؤولية أفعال أفراده هو ظلم في حد ذاته.
ومن الجدير بالذكر أن القوى التي تمنع المسلمين من تعلم دينهم من مصادره الأصيلة، وتشجعهم على اللهو والفساد، وتنهب خيراتهم، هي مسؤولة بدرجة أولى عن تحول بعضهم إلى التطرف والفوضى. ويجب على هذه القوى أن تحاسب نفسها وتراجع ضمائرها بدلًا من توجيه الاتهامات للآخرين.
أسئلة إسلامية