الحقوق الأساسية للإنسان في الاسلام

تفاصيل السؤال

ما هي الحقوق الأساسية التي منحها الإسلام للإنسان؟

الجواب

الأخ / الأخت العزيز,

لفهم القيمة التي يمنحها الإسلام لحقوق الإنسان، من المفيد إلقاء نظرة سريعة على حال العالم قبل الإسلام، وذلك على النحو التالي:

كانت جميع الدول في العالم تُدار بالنظام الملكي. وكان الملك أو الحاكم أو الإمبراطور يتمتع بسلطة مطلقة على شعبه، فيعدم من يشاء، وينفي من يريد، ولا يُسأل عما يفعل.
كان الناس مقسمين إلى طبقات. فدائرة المقربين من الحاكم، وأقاربه (النبلاء)، كانت طبقة مميزة، بينما غالبية الشعب كانوا فئة مهضومة الحقوق ومهانة. وكانت الفجوة بين الطبقات عميقة.
كانت العبودية تُمارس بأبشع صورها، وقد أُهينت كرامة الإنسان إلى أقصى درجة.
كان الناس يتعرضون لمعاملة مختلفة بحسب عرقهم ولونهم، واعتُبر النسب هو معيار التفوق الوحيد. ولم يكن يُقيَّم الناس على أساس العقل أو العلم أو الأخلاق أو الفضيلة.
لم تكن هناك أي حقوق أو حريات أساسية مثل حرية الدين والمعتقد، وحق التملك، وحرية الفكر، وحرية السكن. وكان الناس يتعرضون للظلم والعذاب بسبب معتقداتهم وأفكارهم، وكانت الضمائر تحت الضغط والقهر.
كانت المبادئ الأساسية للقانون مهانة. فلم يكن هناك مساواة أمام القانون، ولا سيادة للقانون، ولا شرعية للعقوبات. ولم يكن هناك قضاء مستقل ومحايد. وكانت الأهواء الشخصية أوامر تُنفّذ، وتُطبّق العقوبات بشكل مختلف على أشخاص من طبقات مختلفة رغم ارتكابهم نفس الجرم.
وسط هذه الصورة المظلمة، جاء الإسلام وأحدث أعظم ثورة في تاريخ البشرية.

إذا ما نظرنا بإنصاف في القرآن الكريم وسنة النبي ﷺ، سنجد أن المبادئ التي تعتبر اليوم أهدافًا نهائية للإنسانية قد وردت فيها قبل قرون من إعلان حقوق الإنسان الغربي. فخطبة الوداع التي ألقاها النبي ﷺ في حجة الوداع عام 632م أمام أكثر من مئة ألف مسلم، تُعدّ من أوضح الأمثلة على ذلك، وهي أقدم بـ1157 سنة من "إعلان حقوق الإنسان والمواطن" الصادر في فرنسا عام 1789.

كما أثّرت المبادئ التي جاء بها الإسلام بشأن حقوق الإنسان بشكل كبير على نضال الغرب في هذا المجال.

الحقوق الأساسية التي كفلها الإسلام للإنسان:

إلغاء التمييز العنصري
الإسلام أنهى التفرقة على أساس العرق أو اللون. فكل البشر من نسل آدم، ولا يختار الإنسان عِرقه أو لونه، بل هو تقدير من الله. والتفرقة على هذا الأساس مرفوضة دينيًا وإنسانيًا. قال الله تعالى في سورة الحجرات:
"يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى..."، أي أن التعدد العرقي هدفه التعارف لا التفاضل.
ومن شواهد ذلك ما حدث بين الصحابي أبي ذر وبلال بن رباح، حين قال له أبو ذر غاضبًا: "يا ابن السوداء!"، فغضب النبي ﷺ وقال له:
"أعيّرته بأمّه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية!"، فندم أبو ذر وأظهر توبته واعتذاره.
إنهاء الفخر بالأنساب
الإسلام أنهى الفخر الزائف بالنسب. فعندما طلب سعد بن أبي وقاص من الصحابة ذكر أنسابهم، لم يكن سلمان الفارسي يعرف نسبه بدقة، فقال: "أنا سلمان بن الإسلام".
فقال عمر بن الخطاب: "وأنا عمر بن الإسلام". فقال النبي ﷺ: "سلمان منا أهل البيت".
حق الأمة في محاسبة الحاكم
الإسلام أعطى الناس الحق في مراقبة الحاكم. قال أبو بكر الصديق عند توليه الخلافة:
"إن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني". وقال عمر بن الخطاب: "ماذا تفعلون إذا اعوججت؟" قالوا: "نقوّمك بسيوفنا".
حرية الفكر والمعتقد
حرية الفكر من أهم الحقوق، وقد أكد الإسلام على مبدأ: "لا إكراه في الدين". فلا يُفرض الإيمان بالقوة.
إصلاح نظام العبودية
لم يُلغِ الإسلام العبودية فورًا، لكنه نظمها وقيّدها، وسعى لإنهائها بالتدريج عبر تشجيع العتق وفتح طرق كثيرة للحرية.
حق التملك
الإسلام احترم رغبة الإنسان في التملك وأقر له بذلك، بشرط أن يتم بطرق مشروعة، ولا يجوز التعدي على ملكية أحد دون إذنه.
المساواة أمام القانون
الناس جميعًا سواسية أمام القانون، ولا يجوز تمييز أحد بسبب نسبه أو مكانته.
ومن الأمثلة: حديث النبي ﷺ عند محاولة الشفاعة لامرأة شريفة سرقت:
"والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها".
مبدأ شخصية العقوبة وشرعيتها
لا يُعاقب أحد إلا بجُرم ارتكبه، ولا يؤخذ إنسان بذنب غيره. قال تعالى:
"ولا تزر وازرة وزر أخرى" (الأنعام: 164).
استقلال القضاء ونزاهته
القضاء في الإسلام مستقل ومحايد، والحاكم يُقاضى كأي مواطن. فمثلاً، علي بن أبي طالب خُصم إلى قاضٍ مع يهودي، ولم يحصل على حكم لمصلحته لعدم وجود بينة.
حرمة المسكن والحياة الخاصة
لا يحق لأحد دخول بيت أحد دون إذنه، والتجسس محرم. قال تعالى:
"ولا تجسسوا..." (الحجرات: 12).
حرية التنقل
شُجّع الناس على السفر للعظة والتعلّم والعلاج، واعتبر ذلك وسيلة للمعرفة والشفاء.
الحق في الحياة وحماية النفس والمال والعِرض
في خطبة الوداع قال النبي ﷺ:
"إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا..."
الضمان الاجتماعي
الإسلام أوجد آليات لحماية المحتاجين من الجوع والفقر، عبر نظام الزكاة والوقف والتكافل، وحرص على كفالة العاجزين من خلال المجتمع والدولة.
حرية العمل والعدالة في الأجور
العمل في الإسلام عبادة. قال تعالى: "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى..."، وورد عن النبي ﷺ:
"أعطوا الأجير أجره قبل أن يجفّ عرقه"، وهو من أسمى مظاهر احترام العامل وحقوقه.
 

أسئلة إسلامية

المؤلف:
أسئلة إسلامية
Subject Categories:
قرئت 2 مرات
لإضافة تعليق يرجى تسجيل الدخول أو إنشاء قيد جديد