تعريف السنة وأهميتها
ما هي السنة؟ وما أهميتها في الإسلام؟
أضافه في ثلاثاء, 22/07/2025 - 09:10
الأخ / الأخت العزيز,
المعنى اللغوي للسنة هو: الطريق، السير، المبدأ، القانون.
أما المعنى الاصطلاحي، فيعني كل ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة.
والتقرير يعني السكوت عن أمر ما، وهو بمعنى عدم الاعتراض أو الرفض.
الأحاديث النبوية تشرح الآيات القرآنية، وتوضح المقاصد الإلهية التي جاءت في الآيات بشكل مختصر ومجمل. وتُبيّن الحكم الشرعي في الأمور التي لم ترد في القرآن.
فمثلاً، أمر "أقيموا الصلاة" هو أمر مجمل، وتفاصيله تُبيَّن في الأحاديث. لم يُبيَّن في القرآن عدد ركعات الصلاة ولا كيفية أدائها بالتفصيل. فلو لم تكن السنة، كيف كنا سنعرف كيف نؤدي الصلاة؟
في الحديث الشريف :[ صَلُّوا كما رَأَيْتُموني أُصلِّي]
وبالمثل، تفاصيل وأحكام الزكاة ثبتت أيضاً بالأحاديث النبوية.
إن الأحاديث النبوية: "هي التفسير الأول للقرآن". فشرح النبي صلى الله عليه وسلم للآيات القرآنية هو أول تفسير لها، وإجاباته على الأسئلة الفقهية هي أولى الفتاوى، وكذلك اجتهاداته هي أول الاجتهادات. فكما كان النبي صلى الله عليه وسلم قدوة للأمة في كل شأن، كذلك كان رائداً في بيان الأحكام الشرعية.
قال تعالى:{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ}(النساء:82)
كل مقصد يُنال بطريق مختلف. فطريق الغنى يختلف عن طريق طلب العلم، فالأول يتطلب اتباع قوانين الاقتصاد بحذافيرها وتقليد الناجحين فيه، والثاني يتطلب طلب العلم على أيدي العلماء.
وكذلك بلوغ الحقائق الإلهية لا يتحقق إلا باتباع أولئك الذين أُهلوا لهذه المهمة .
فالحق والحقيقة في النبوة، والشر والضلال في مخالفتها
آية كريمة تجعل اتباع السنة شرطاً لمحبة الله:
{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }(آل عمران:31)
النبي صلى الله عليه وسلم هو الإنسان النموذجي الذي يحبه الله ويرضى عنه. ومن لم يتبعه، فإن محبته لله تبقى مجرد ادعاء. والحقيقة أن ترك السنة بدعوى الاكتفاء بالقرآن فقط، يعني ترك التشبّه بمن يحبه الله.
إذا حاول شخص تفسير القرآن بفهمه الشخصي دون الرجوع للأحاديث، فإن النتيجة ستكون طريقاً شخصياً لا علاقة له برسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن الواضح أين ينتهي هذا الطريق.
المقصود من فهم القرآن هو تطبيقه عملياً. وهنا يأتي دور أعظم مرشد: رسول الله صلى الله عليه وسلم. والقرآن نفسه يصرّح بذلك:
{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}(الحشر:7)
{ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ}(النجم:3-4)
{مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}(النساء:80)
اتباع السنة يعني السير على خطى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والالتزام بالاستقامة في جميع الأمور.
فلنسأل أنفسنا: لو عاش مسلم في عصر النبي، ماذا كان سيفعل؟ بالتأكيد كان سيتبع النبي صلى الله عليه وسلم في كل صغيرة وكبيرة. وكذلك اليوم، اتباع سنته بدقة يحمل نفس المعنى.
قال الامام بديع الزمان سعيد النورسي :
(إن لسنة الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم ثلاثة منابع، هي:
أقوالُه، وأفعاله، وأحواله. وهذه الأقسام الثلاثة هي كذلك ثلاثة أقسام:
الفرائض، النوافل، عاداته صلى الله عليه وسلم.
ففي قسم الفرائض والواجب، لامناص من الاتباع، والمؤمن مجبَر على هذا الاتباع بحكم إيمانه. والجميع بلا استثناء مكلّفون بأداء الفرض والواجب، ويترتب على إهماله أو تركه عذاب وعقاب.
وأما في قسم النوافل، فأهلُ الإيمان هم مكلَّفون به أيضاً حسب الأمر الاستحبابي، ولكن ليس في ترك النوافل عذابٌ ولا عقاب. غير أن القيام بها واتباعها فيه أجر عظيم. وتغيير النوافل وتبديلها بدعة وضلالة وخطأ كبير.
وأما عاداته صلى الله عليه وسلم وحركاته وسكناته السامية فمن الأفضل والمستحسن جداً تقليدُها واتباعها حكمةً ومصلحة سواءً في الحياة الشخصية أو النوعية أو الاجتماعية، لأن هناك في كل حركة من حركاته الاعتيادية منافعَ حياتية كثيرة جداً فضلاً عن أنها بالمتابعة تصير تلك الآداب والعادات بحكم العبادة. نعم، مادام -عليه الصلاة والسلام- متصفاً بأسمى مراتب محاسن الأخلاق، باتفاق الأولياء والأعداء. وأنه صلى الله عليه وسلم هو المصطفى المختار من بين بني البشر، وهو أشهر شخصية فيهم باتفاق الجميع.. وما دام هو أكملَ إنسان، بل أكملَ قدوة ومرشد بدلالة آلاف المعجزات،
وبشهادة العالم الإسلامي الذي كوّنَه، وبكمالاته الشخصية بتصديق حقائق ما بلّغه من القرآن الحكيم.. وما دام ملايينٌ من أهل الكمال قد سمَوا في مراتب الكمالات، وترقّوا فيها بثمرات اتباعه فوصلوا إلى سعادة الدارين... فلابد أن سنة هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وحركاتِه هي أفضلُ نموذج للإقتداء وأكملُ مُرشد للاتباع والسلوك وأحكمُ دستور، وأعظم قانون، يتخذه المسلم أساساً في تنظيم حياته.
فالسعيد المحظوظ هو من له أوفرُ نصيب من هذا الاتباع للسنة الشريفة.
ومن لم يتبع السنة فهو في خسران مبين إن كان متكاسلاً عنها.. وفي جناية كبرى إن كان غير مكترث بها.. وفي ضلالة عظيمة إن كان منتقداً لها بما يومئ التكذيب بها.)(كليات رسائل النور- اللمعة الحادية عشر)
الإمام مسلم يلخص أهمية السنة بقوله:
"كل ما قاله أو فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعله كنبي، وكل خطوة خطاها، كانت بعيدة عن الضلال والشر، وكل أفعاله وأقواله كانت ضمن حدود الله وتشريعاته. لذا، على كل الناس اتخاذ حياته مثالاً لهم، فقد كانت حياته قرآنًا حيًا ومنظومة إلهية متكاملة".
الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة تؤكد بوضوح أن اتباع السنة أصل أساسي في الدين:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}(النساء:59)
فسر المفسرون قوله تعالى: "فردوه إلى الله والرسول" بمعنى: "ارجعوا إلى القرآن والسنة".
وفي الختام انقل ما قاله بديع الزمان سعيد النورسي:
(إنَّ السنة النبوية المطهرة في حقيقة أمرها لهي أدبٌ عظيم، فليس فيها مسألة إلّا وتنطوي على أدب ونور عظيم. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: [أدّبني ربي فأحسن تأديبي] نعم، فمن يمعن النظر في السيرة النبوية ويحط علماً بالسنة المطهرة، يدرك يقيناً أنَّ الله سبحانه وتعالى قد جمع أصولَ الآداب وقواعدها في حبيبه صلى الله عليه وسلم. فالذي يهجر سُنته المطهرة ويجافيها فقد هجر منابعَ الأدب وأصوله، فيحرم نفسه من خير عظيم، ويظل محروماً من لطف الرب الكريم، ويقع في سوء أدب وبيل) (كليات رسائل النور- اللمعة الحادية عشر)
أسئلة إسلامية