معجزاته صلى الله عليه وسلم في دعائه

 

ومن انواع معجزاته صلى الله عليه وسلم نوع عظيم، وهو الخوارق التي ظهرت بدعائه. فهذا النوع لاشك فيه ومتواتر تواتراً حقيقياً، وامثلتها وجزئياتها وفيرة جداً لا تحصر، وقد بلغ كثير من امثلتها درجة المتواتر، بل صارت مشهورة قريبة من التواتر، ومنها ما نقله ائمة عظام بحيث يفيد القطعية فيه كالمتواتر المشهور.

ونحن هنا نذكر على سبيل المثال بعضاً من امثلتها الكثيرة جداً التي هي قريبة من المتواتر، أو التي هي بدرجة المشهور، كما سنذكر جزئياتٍ من كل مثال:

المثال الاول:

- روى ائمة الحديث وفي مقدمتهم البخاري ومسلم ان دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للاستسقاء كان يستجاب في الحال، وحدث ذلك مراراً كثيرة، حتى انه كان يرفع يديه احياناً للاستسقاء وهو على المنبر، فيستجاب له قبل ان ينزل، وهذه الروايات ثابتة بلغت حد التواتر. وقد ذكرنا آنفاً: انه اصاب الناس عطش في السفر، فكان السحاب يتراكم في كل مرة يحتاجون الى الماء فيسقوا ثم يقلع.

- بل كان دعاؤه صلى الله عليه وسلم يستجاب حتى قبل النبوة، فكان عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم يستسقى بوجهه الكريم في صباه، فكان المطر ينزل، وقد اشتهرت هذه الحادثة حتى ذكرها عبد المطلب في بعض اشعاره.

صلى الله عليه وسلم ولقد استسقى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالعباس عم النبي بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فقال: (اللّهم إنا كنا نتوسل اليك بنبينا فتسقينا وانّا نتوسل اليك بعم نبينا فاسقنا، قال فيسقون)(1).

- وروى الشيخان ان الرسول صلى الله عليه وسلم سئل ان يغيثهم الله بالمطر (فدعا صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء فسقوا ثم شكوا اليه المطر فدعا فصحوا)(2).

المثال الثاني:

- وردت رواية مشهورة قريبة من التواتر انه صلى الله عليه وسلم حينما كان المؤمنون قلة ويكتمون ايمانهم وعبادتهم (دعا بعزّ الاسلام بعمر رضي الله عنه أو بابي جهل فاستجيب له في عمر) اذ قال: (اللّهم اعزّ الاسلام بابي جهل بن هشام او بعمر بن الخطاب، فأصبح فغدا عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم)(3) فكان سبباً لعزّ الاسلام ولذلك دُعي بالفاروق.

المثال الثالث:

ولقد دعا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم لبعض الصحابة لمقاصد شتى فاستجيب له استجابةً خارقة، حتى وصلت كرامة تلك الادعية درجة الاعجاز.

من ذلك ما روى البخاري ومسلم وغيرهما أنه: (دعا لابن عباس: اللهم فقهه في الدين وعلّمه التأويل)(4) فَسُمّي بعدُ الحبر وترجمان القرآن حتى كان عمر رضي الله عنه يأذن لابن عباس - مع حداثة سنّه - ان يجلس في مجلس اكابر الصحابة الاجلاء(5).

- وروى البخاري وغيره (عن انس رضي الله عنه قال: قالت امي: يا رسول الله خادمك أنس ادعُ الله له. قال: اللّهم أكثر ماله وولَده وبارك له فيما آتيته، وفي رواية عكرمة قال انس: فوالله ان مالي لكثير وان وَلَدي وولد ولدى ليعادّون اليوم على نحو المائة. وفي رواية فما اعلم أحداً اصاب من رخاء العيش ما اصبتُ، ولقد دفنتُ بيديّ هاتين مائة من ولدي لا اقول سقطاً ولا ولد ولد)(6) وكان كل ذلك ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم.

- وروى الامام البيهقي وغيره من ائمة الحديث انه صلى الله عليه وسلم (دعا لعبد الرحمن بن عوف بالبركة) وهو احد العشرة المبشرين بالجنة فاصاب مالاً وفيراً ببركة ذلك الدعاء حتى أنه (تصدّق مرّةً بعَير فيها سبعمائة بَعير وَرَدَتْ عليه تحمل من كل شئ فتصدق بها وبما عليها وبأقتابها واحلاسها)(7) فما شاء الله في هذه البركة وتبارك الله.

وروى البخاري وغيره انه صلى الله عليه وسلم دعا لعروة بن ابي الجعد بالبركة في تجارة له. فقال: (فلقد كنت اقوم بالكناسة(8) فما أرجع حتى أربح أربعين الفاً. وقال البخاري في حديثه، فكان لو اشترى التراب ربح فيه)(9).

- (ودعا لعبد الله بن جعفر بالبركة في صفقة يمينه فما اشترى شيئاً الاّ ربح فيه)(10) حتى اشتهر في زمانه بالثروة والمال بمثل ما اشتهر بالكرم والسخاء.

ولهذا النوع امثلة كثيرة جداً اوردنا هذه الاربعة على سبيل المثال.

- وروى الامام الترمذي: انه صلى الله عليه وسلم دعا لسعد بن ابي وقاص فقال: اللّهم استجب لسعد اذا دعاك(11). فكان مستجاب الدعوة يرهب الناس من دعائه عليهم.

- (وقال لابي قتادة: افلح وجهُك، اللّهم بارك له في شَعره وَبَشَره. فمات وهو ابن سبعين سنة وكأنه ابن خمس عشرة سنة)(12). وقد اشتهرت هذه الرواية الثابتة.

- وعندما أنشد الشاعر المشهور النابغة بين يديه صلى الله عليه وسلم:

بَلَغنا السما في مجدنا وسَنائِنا وإنّا نريد فوق ذلك مظهراً

قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: الى اين يا أبا ليلى؟ قال: الى الجنة يا رسول الله.

ثم أنشد قصيدة اخرى تحمل معاني جليلة، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يَفْضُض الله فاك) (فما سقطت له سن، وكان احسن الناس ثغراً، اذا سقطت له سنٌ نبتت له اخرى. وعاش عشرين ومائة. وقيل اكثر من هذا)(13).

- وفي رواية صحيحة انه صلى الله عليه وسلم دعا لعلي رضي الله عنه، فقال: اللّهم

اكفه الحر والقر، فكان ببركة هذا الدعاء (يلبس في الشتاء ثياب الصيف، وفي الصيف ثياب الشتاء ولا يصيبه حرّ ولا برد)(14).

- (ودعا لابنته فاطمة الاّ يجيعها الله. قالت: فما جعتُ بعد)(15).

- (وسأله الطفيل بن عمرو آيةً لقومه، فقال: اللّهم نوِّر له. فسطع له نورٌ بين عينيه، فقال: يا رب اخاف ان يقولوا: مُثْلَة، فتحول الى طرف سوطه، فكان يضئ في الليلة المظلمة، فسمي ذا النور)(16).

فهذه الحوادث لا ريب في رواياتها قط.

- (عن ابي هريرة قال: قلت: يا رسول الله انى اسمع منك حديثاً كثيراً أنساه. قال: ابسط رداءك فبسطتُه. قال: فغرف بيديه، ثم قال: ضمه، فضممته، فما نسيتُ شيئاً بعده)(17).

فهذه الحوادث من الاحاديث المشهورة.

المثال الرابع:

نبين عدة امثلة في صدد استجابة ادعيةٍ دعا بها النبي صلى الله عليه وسلم على بعض من الناس.

- الأول: جاء الخبر الى النبي صلى الله عليه وسلم بتمزيق ملك الفرس المسمى بَرْويز كتابَ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اللّهم مَزّقه. فمُزِّق كلَّ ممزق اذ قتل شيرويه ابن الملك اباه بالخنجر، ومزَّق سعد بن ابي وقاص مُلكه (فلم تبق له باقية ولا بقيت لفارس رياسة في اقطار الدنيا)(18) بينما ظل مُلك قيصر وسائر الملوك لاحترامهم كتب الرسول صلى الله عليه وسلم اليهم.

- الثاني: ثبت بالحديث المشهور القريب من المتواتر - وبما ترمز اليه الآية الكريمة - انه اجتمع رؤساء قريش في المسجد الحرام وعاملوا النبي صلى الله عليه وسلم معاملة سيئة فدعا عليهم، وسمّاهم. قال ابن مسعود: (فلقد رأيتُهم قُتلوا يوم بدر)(19).

- الثالث: ودعا على مضر وهي قبيلة عظيمة، بما كذبته، (فأُقحطوا حتى استعطفته قريش فدعا لهم فسُقوا)(20) هذه الرواية قريبة من التواتر.

المثال الخامس:

هو استجابة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الذي دعا به على رجال معينين، نذكر على سبيل المثال ثلاثة من بين امثلته الكثيرة.

- الاول: دعا على عتبة بن ابي لهب، وقال: (اللّهم سلّط عليه كلباً من كلابك)(21). فسافر عتبة بعد ذلك فجاء اسد يبحث عنه، فاخذه من بين القافلة وأكله. هذه الحادثة مشهورة نقلها ائمة الحديث وصححوها.

- الثاني: بعث الرسول صلى الله عليه وسلم سرية وعلى رأسها عامر بن الأضبط ، وكان محلـِّم بن جثَّامة في معيته، فاغتاله محلـِّم غدراً، فلما جاء الخبر الى النبي صلى الله عليه وسلم غضب وقال: اللّهم لا تغفر لمحلِّم، فمات محلـِّم بعد سبعة أيام. (فلفظته الارض ثم وورى فلفظته مرات، فالقوه بين صُدِّين وضموا عليه بالحجارة - الصُّدُّ جانب الوادي)(22).

الثالث: (وقال لرجل رآه يأكل بشماله: كل بيمينك، قال: لا استطيع فقال: لا استطعت، فلم يرفعها الى فيه)(23).

المثال السادس:

سنذكر عدة خوارق ثابتة ثبوتاً قطعياً من تلك التي ظهرت بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم وبلمسه.

- الاول: ان النبي صلى الله عليه وسلم اعطى شعرات من شعره الى خالد بن الوليد (سيف الله) ودعا له بالنصر، فوضعها خالد في قلنسوته (فلم يشهد بها قتالاً الاّ رُزق النصر)(24).

- الثاني: ان سلمان الفارسي كان عبداً لليهود، فكاتبه (مواليه على ثلاثمائة ودية يغرسها لهم كلها تَعْلَقُ وتُطعم وعلى اربعين اوقية من ذهب، فقام صلى الله عليه وسلم وغرسها له بيده الاّ واحدةً غرسها غيره، فأخذت كلها الاّ تلك الواحدة فقلعها النبي صلى الله عليه وسلم وردّها فأخذت - وفي كتاب البزار - فاطعم النخلُ من عامه الاّ الواحدة فقلعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وغرسها فاطعمت من عامها. واعطاه مثل بيضة الدجاجة من ذهب بعد أن ادارها على لسانه، فوزن منها لمواليه اربعين اُوقية وبقي عنده مثل ما اعطاهم)(25) هذه الحادثة هي من الخوارق المهمة التي مرت بحياة سلمان الفارسي رضي الله عنه، رواها الائمة الثقات.

الثالث: (كان لأم مالك الصحابية عكةٌ(26) تُهدي فيها للنبي صلى الله عليه وسلم سمناً فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن لا تعصرها ثم دفعها اليها، فاذا هي مملوءة سمناً فيأتيها بنوها يسألونها الأدْمَ وليس عندهم شئ، فتعمد اليها، فتجد فيها سمناً، فكانت تقيم إدمَها حتى عصرتها)(27) فلم يجدوا فيها شيئاً بعد ذلك.

المثال السابع:

ان المياه المرة تتحول الى عذبة حلوة وتفوح منها رائحة طيبة ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ولمسه لها. نسوق بضعة امثلة فقط:

- الاول: روى البيهقي وائمة الحديث ان بئر (قبا) كانت تنزف في بعض الاحيان (وسكب من فضل وضوئه في بئر قبا فما نَزَفَت بعد)(28).

- الثاني: روى ابو نعيم في دلائل النبوة، ورجال الحديث. انه كان في دار أنس بئر فبزق صلى الله عليه وسلم فيها ودعا (فلم يكن في المدينة اعذب منها)(29).

- الثالث: روى ابن ماجه انه (اُتي بدلو من ماء زمزم فمجّ فيه فصار اطيب من المسك)(30).

- الرابع: روى الامام احمد بن حنبل أنه صلى الله عليه وسلم اُتي بدلو من بئر فمجّ فيه ثم افرغ فيها فصارت اطيب من المسك(31).

- الخامس: روى حماد بن سلمة وهو من الرجال الموثوقين الذين يروي عنهم الامام مسلم، أنه صلى الله عليه وسلم ملأ (سقاء ماء بعد أن أوكاه ودعا فيه) وأعطاه لصحابة كرام وأمرهم ألاّ يحلّوه الاّ للوضوء. (فلما حضرتهم الصلاة نزلوا فحلّوه فاذا به لبن طيب وزبدة في فمه)(32).

هذه الامثلة الخمسة الجزئية مشهورة بعضها، وينقلها ائمة اعلام. فهذه والتي لم نذكرها هنا بمجموعها تحقق بالتواتر المعنوي هذه المعجزة تحققاً كاملاً.

المثال الثامن

الشياه التي درّ ضرعها باللبن ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ولمسه إياه بعد أن كان قد جفّ. هناك امثلة كثيرة جداً لهذا الاّ اننا نذكر ثلاثة منها مشهورة وثابتة.

- الاول: روت جميع كتب السير الموثوق بها أن الرسول الاكرم صلى الله عليه وسلم لما هاجر ومعه ابو بكر الصديق مرّ على خباء عاتكة بنت خالد الخزاعي المدعوة بأم معبد، فنزل عندها وكان لها شاة عجفاء لا لبن فيها. فقال لها: أليس بها لبن؟ فقالت أم معبد: ليس فيها دم فمن اين اللبن؟. فمسّ صلى الله عليه وسلم ظهرها ومسح ضرعها، ثم قال: ائتوا باناء واحلبوها، فحلبوها فشرب صلى الله عليه وسلم هو وابو بكر الصديق وبقيت في الاناء بقية فشرب مَن كان في الخباء الى ان شبعوا جميعاً. وهكذا بقيت تلك الشاة مباركة قوية(33).

- الثاني: قصة شاة ابن مسعود رضي الله عنه وهي:

(عن ابن مسعود قال: كنت ارعى غنماً لعقبة بن ابي معيط، فمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وابو بكر، فقال: يا غلام هل من لبن؟ قال: قلت: نعم ولكني مؤتمن. قال: فهل من شاة لم ينز عليها الفحل؟. فأتيته بشاة فمسح ضرعها، فنزل لبن فحلبه في اناء، فشرب وسقى ابا بكر…)(34) وكان هذا سبب اسلام ابن مسعود رضي الله عنه.

- الثالث: قصة (غنم حليمة السعدية(35) مرضعته صلى الله عليه وسلم)، وهي قصة مشهورة حيث كان في تلك السنة قحطٌ اصاب أرض قومها، فكانت الأغنام عجافة، جافاً الضروع، لم ترع حتى الشبع. فلما اُرسل الرسول صلى الله عليه وسلم الى حليمة السعدية صارت اغنامها تأتي المرعى وقد رعت كثيراً ودرّ لبنـها، وغــنم قومـها على خلاف ذلك. وما ذاك الاّ ببركته صلى الله عليه وسلم.

وهـنـاك امثلة كثيرة اخرى في كتب السير، والـتـي اوردنـاها تكـفي ما نـحن بصدده.

المثال التاسع:

نذكر بضعة امثلة من الامثلة الكثيرة المشهورة للخوارق التي ظهرت عند مسح الرسول صلى الله عليه وسلم رؤوس بعضهم ووجوههم بيده ودعائه لهم:

- الاول: (مسح على رأس عُمير بن سعد وبرّك، فمات وهو ابن ثمانين، فما شاب)(36).

- الثاني: (ومسح على رأس قيس بن زيد الجذامى ودعا له، فهلك وهو ابن مائة سنة، ورأسه أبيض وموضع كف النبي صلى الله عليه وسلم وما مرّت يدُه عليه من شعره أسود، فكان يُدعى الأغر)(37).

- الثالث: (ومسح رأس عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وهو صغير، وكان دميماً ودعا له بالبركة فَفَرَع الرجال طولاً وتماماً)(38).

- الرابع: (سَلَت(39) الدم عن وجه عائذٍ بن عمرو وكان جُرحَ يوم حُنين ودعا له فكان له غرّة كغُرة الفرس)(40).

- الخامس: (مسح وجه قتادة بن مِلحان فكان لوجهه بريقٌ حتى كان يُنظَر في وجهه كما يُنظَر في المرآة)(41).

- السادس: (نضح في وجه زينب (وهي صغيرة) بنت ام سلمة نضحة من ماء) كان يتوضأ به (فما يُعرف كان في وجه امرأة من الجمال مابها)(42).

وهناك امثلة كثيرة كهذه الجزئيات التي اوردناها رواها ائمة الحديث فهي بمجموعها تفيد التواتر المعنوي وتبين وقوع المعجزة الاحمدية المطلقة. فحتى لو فرضنا كل واحد من هذه الامثلة خبراً آحادياً، وضعيفاً، فان مجموعها يكون بحكم المتواتر المعنوي، لانه لو نقلت حادثة ما في صور متباينة وروايات مختلفة، فهذا يعني ان الحادثة واقعة لا شك فيها الا ان رواياتها وصورها مختلفة او ضعيفة.

فمثلاً: اذا سُمع في مجلس دويّ، فقال بعضهم: انهدم بيت فلان، وقال آخر: انهدم بيت شخص آخر. وقال آخر: بيت فلان.. وهكذا فكل رواية من هذه الروايات مع انها آحادية وضعيفة أو مخالفة للواقع الا ان الحادثة الاصلية لاشك في وقوعها، وهي انهدام بيت. فالروايات بمجموعها تفيد قطعية وقوع الحادثة وهي متفقة في الاصل. بينما الامثلة الجزئية التي ذكرناها روايات صحيحة كلها، حتى أن بعضاً منها بلغ درجة المشهور. فلو فرضنا كلاً منها ضعيفة لكانت دلالة مجموعها ايضاً دلالة قطعية على وجود المعجزة الاحمدية مثلما دلت الروايات في المثال على انهدام بيت من البيوت .

وهكذا فكل نوع من انواع المعجزات الاحمدية الباهرة ثابت لا ريب فيه. وما جزئياتها الا نماذج وصور مختلفة لتلك المعجزة المطلقة.

وكما ان يده صلى الله عليه وسلم واصابعه وريقه ونفثه واقواله - اي دعاءه - منشأ لكثيرمن المعجزات، فان جميع لطائفه الاخرى وحواسه واجهزته مدار لكثيرمن الخوارق ايضاً. وقد بينت كتب السيرة والتاريخ تلك الخوارق واوضحت كثيراً من دلائل النبوة التي هي في سيرته وصورته وجوارحه ومشاعره صلى الله عليه وسلم. (*)

__________________________________

(1) حديث الاستسقاء بالعباس رواه البخاري (2/ 35) كتاب الاستسقاء(5/ 25) باب مناقب الصحابة.

(2) الشفا (1/ 327). رواه الشيخان (على القارى 1/ 66).

(3) صحيح: رواه الترمذي (3684) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث ابن عمر، وأقره محقق المشكاة (6036) فوهم لأن الرواية التي في المشكاة عن ابن عباس قال فيها الترمذي (3766 تحفة الاحوذي): هذا حديث غريب من هذا الوجه. وحديث ابن عباس اخرجه احمد في المسند كما قال صاحب تحفة الاحوذي، وحديث ابن عمر عزاه محقق جامع الاصول (7428) لأحمد وابن سعد في الطبقات والبيهقي في دلائل النبوة. وصححه ابن حبان. وحديث ابن عمر وابن عباس حسنهما محقق جامع الاصول.

 (4) الشفا (1/ 327) كما رواه الشيخان (على القاري 1/ 661) (الخفاجي 3/ 130). والحديث بهذا السياق ليس في الصحيحين بل هو عند احمد وغيره باسناد صحيح: قال الارناؤوط في تخريج (جامع الاصول 9/ 63) وانما هي عند احمد في المسند (1/ 264، 314، 328، 335). رواها ايضاً ابن حبان والطبراني، وليست في الصحيحين بهذا اللفظ، ولذلك قال المصنف رحمه الله: ولم اجده في الكتابين، وقال الحميدي: هذه الزيادة ليست في الصحيحين، وقال الحافظ في (الفتح) وهو كما قال... وذكر الحافظ في موضع آخر: وهذه اللفظة: (اللّهم فقهه في الدين وعلمه التأويل) اشتهرت على الألسنة حتى نسبها بعضهم للصحيحين ولم يصب والحديث عند احمد بهذا اللفظ. اورده الحاكم في المستدرك (4/ 534) وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه واقره الذهبي. وانما روى منه مسلم قوله (اللّهم فقهه) اهـ ورواه البخاري (1/29) بلفظ (اللّهم علّمه الكتابة ). وفي رواية له (5/34) (اللّهم علّمه الحكمة) ورواه الترمذي وابن ماجه بالفاظ مقاربة... وقد ذكرت كل هذا ليتبين للقارىء الكريم كيف أن الاستاذ النورسي معذور في نسبته الحديث بهذا السياق للصحيحين اذ ان كبار المحدثين امثال التبريزي وعلى القارئ والقاضي عياض والخفاجي وغيرهم قد وقعوا في مثل هذا الامر علماً انهم متخصصون في الحديث وهم بين المصادر الحديثية، بينما الاستاذ النورسي الذي اكرمه الله بكتابة هذه المعجزات بعيد عن المصادر كلياً. علماً ان الحديث الذي ذكره الاستاذ صحيح. فالحمد لله الذي تتم بفضله الصالحات.

(5) صحيح: اخرجه احمد (1/ 338) وبنفس الاسناد اورده في فضائل الصحابة برقم (1871) وصححه المحقق، والحديث عند البخاري وابي نعيم وابن سعد وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي (راجع تخريجه مفصلاً في فضائل الصحابة).

(6) انظر البخاري (8/ 93، 100) ومسلم برقم (2480، 2481) ورواه احمد (6/ 430، 3/ 190) وانظر تحفة الاحوذي (10/ 330) ومسلم (4/ 1929) والفتح الرباني (22/ 203) بسياقات مختلفة مع السياق المذكور.

(7) الشفا (1/ 326) (على القارئ 1/ 659). (الخفاجي 3/ 125).

(8) (الكناسة): موضع سوق بالكوفة.

(9) (عن عروة أن النبي صلى الله عليه وسلم اعطاه ديناراً يشتري له به شاةً فاشترى له به شاتين. فباع احداهما بدينار وجاءه بدينار وشاةٍ، فدعا له بالبركة في بيعه، وكان لو اشترى التراب لربح فيه) البخاري 4/ 252 باب علامات النبوة. ورواه احمد (الفتح الرباني 22/ 326) وفيه: فقال: (اللّهم بارك له في صفقة يمينه) فلقد رأيتني اقف بكناسة الكوفة فاربح اربعين الفاً قبل ان اصل الى اهلي...

(10) صحيح: الشفا (1/ 327). رواه ابو يعلى والطبراني ورجالهما ثقات (مجمع الزوائد 5/ 286) (المطالب العالية برقم(4077،4078) ورواه احمد ورجاله ثقات، كذا في المجمع.

(11) صحيح: رواه الترمذي في المناقب (3752، 5/ 649) باب مناقب سعد بن ابي وقاص. ورواه ابن حبان في صحيحه (برقم 12215) والحاكم (3/ 499) وصححه ووافقه الذهبي. ورواه ابن ابي عاصم في السنة (138 ب) وابو نعيم في الحلية (1/ 93) وفي الدلائل (3/ 206) واخرجه ابن سعد (3/ 142) بغير هذا السند (المشكاة 3/ 251 برقم 6116) و (تحفة الاحوذي 3835، 10/ 253 - 254) (فضائل الصحابة 2/ 750 برقم 1038) (جامع الاصول 10/ 16 برقم 6535) قال المحققون الثلاثة: اسناده صحيح.

(12) الـشفا (1/ 327). رواه البيهقي في الدلائل (الخفاجي 3/ 128).

(13) على القارئ (1/ 661). والاصل مشابه لعلي القاري والخفاجي. وفي الاصابة:

بلغنا السما مجدُنا وجــدودنا وانا لنبغي فوق ذلك مظهراً

وكذا في اخبار اصبهان لأبي نعيم، ومسند الحارث (2/6) وقد اخرج بعضه البزار والحسن بن سفيان في مسنديهما كلهم من طريق يعلى بن الاشدق، وهو ساقط الحديث لكنه توبع، كذا في الاصابة، واما سند الحارث ففيه من لم يُسمَّ (المطالب العالية رقم 4065) (الاصابة رقم 8639) وقد ذكر ان الحديث رواه الشيرازي في الالقاب وذكر للحديث طرق اخرى. وذكر سياق الحديث ابن كثير في البداية والنهاية (6/ 168) وعزاه للحافظ ابو بكر البزار والبيهقي من طريق اخرى، زاد فيها بعد ذكره لسياق الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم: أجدت لا يفضض الله فاك. قال يعلى: فلقد رأيته ولقد اتى عليه نيفٌ ومائة سنة وما ذهب له سن.

(14) قال الهيثمي في المجمع، عن عبد الرحمن بن ليلى (9/ 122): في احد اسانيد هذا الحديث، رواه الطبراني في الاوسط واسناده جيد. وفي كتاب فضائل الصحابة للامام احمد برقم (950) واسناده ضعيف لاجل محمد بن عبد الرحمن بن ابي ليلى. ورواه ابن ماجة (117،1/43 - 44). والحديث ضعّفه محقق الفضائل، واخرجه في المسند الامام احمد ( 1/ 99، 133) بالسند ذاته وحسّنه العلامة احمد شاكر في تحقيقه المسند (2/ 120) . وقال الخفاجي (3/ 133): رواه البيهقي وابن ماجه بسند صحيح متصل بعلي رضي الله عنه.

(15) الشفا (1/ 328) في حديث رواه البيهقي عن عمران بن الحصين (الخفاجي 3/134). قال الهيثمي في المجمع (9/ 203): رواه الطبراني في الأوسط وفيه عتبة بن حميد وثقه ابن حبان وغيره وضعفه جماعة، وبقية رجاله وثقوا.

(16) الشفا (1/328) رواه ابن اسحق بلا سند والبيهقي عنه وابن جرير من طريق الكلبي (الخفاجي 3/ 134) (على القارى 1/ 662).

(17) رواه البخاري (1/ 41، 4/ 253) واللفظ له. رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح. وقد روى من غير وجه عن ابي هريرة (10/ 334 برقم 3923 تحفة الاحوذي). اهــ. انظر تحقيق الارناؤوط على جامع الاصول (9/ 95). وقد ورد الحديث بغير هذا السياق، انظر البخاري (3/ 68) كتاب البيوع و (3/ 143) كتاب الحرث والمزارعة (9/ 133) كتاب الاعتصام. ومسلم برقم (2492) ورواه احمد (2/ 240، 274، 427) وانظر الفتح الرباني (22/ 405،409ــ 410) والترمذي (10/ 334 - 335 برقم 3924)، وابو نعيم في الحلية (1/ 381) والاصابة برقم (1190) والبداية والنهاية (6/ 162).

(18) الشفا (1/ 328) في حديث رواه البخاري (6/ 10) واحمد (الفتح الرباني 22/ 159) من حديث ابن عباس.

(19) عن ابن مسعود قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى عند البيت وابو جهل واصحاب له جلوس..

وقد نحرت جزور بالامس. فقال ابو جهل: ايكم يقوم الى سلا جزور بني فلان فيأخذه فيضعه في كتفي محمد اذا سجد، فانبعث اشقى القوم فأخذه، فلما سجد النبي صلى الله عليه وسلم وضعه بين كتفيه. قال: فاستضحكوا وجعل بعضهم يميل على بعض وانا قائم انظر، لو كان لي منعة طرحته عن ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والنبي صلى الله عليه وسلم ساجد ما يرفع رأسه، حتى انطلق انسان فأخبر فاطمة فجاءت وهي جويرية فطرحته عنه ثم اقبلت عليهم تشتمهم، فلما قضى النبي yصلاته رفع صوته ثم دعا عليهم، وكان اذا دعا دعا ثلاثاً واذا سأل سأل ثلاثاً، ثم قال: (اللّهم عليك بقريش ثلاث مرات) فلما سمعوا صوته ذهب عنهم الضحك وخافوا دعوته، ثم قال: (اللّهم عليك بابي جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وامية بن خلف وعقبة بن ابي معيط، وذكر السابع ولم احفظه فوالذي بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق لقد رأيت الذين سمّى صـرعى يوم بـدر ثم سحبوا الى القليب قلـيـب بدر) (صحــيح:مـسـلم 3/ 1418 برقم 1794) ورواه البخاري (5/ 57، 94). ورواه أحمد (1/ 417).(20) عن ابي الضحى عن مسروق قال: اتيت ابن مسعود فقال: ان قريشاً ابطوا عن الاسلام فدعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فأخذتهم سنة حتى هلكوا فيها واكلوا الميتة والعظام فجاءه ابو سفيان فقال: يا محمد جئت تأمر بصلة الرحم وان قومك هلكوا فأدع الله، فقرأ ﴿فارتقب يوم تأتي السماءُ بدخانٍ مبين﴾ ثم عادوا الى كفرهـم فذلك قوله تعـالى: ﴿ يوم نبطش البطشة الكبرى﴾ يوم بدر، قال: وزاد اسباط عن منصور: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسقوا الغيث فاطبقت عليهم سبعاً وشكا الناس كثرة المطر. قال: اللّهم حوالينا ولا علينا، فانحدرت السحابة من رأسه فسقوا الناس حولهم (البخاري 2/ 37 كتاب الاستسقاء باب اذا استشفع المشركون بالمسلمين عند القحط).

(21) الشفا (1/329) راجع الهامش (25) للاشارة السادسة.

(22) حسن: أخرجه ابن ماجة 3930 من حديث عمران بن الحصين. قال البوصيري في الزّوائد عن الطريق الأولى: هذا اسناد حسن. والسّميط وثّقه العجلى، وروى له مسلم في صحيحه، وعاصم هو الأحول، ويروى له مسلم ايضاً في صحيحه، وذكره ابن حبّان في الثّقات. وسويد بن سعيد مختلف فيه. أهـ . قلت: والحديث حسن له متابع أخرجه ا بن ماجة، وقال البوصيري: هذا اسناد حسن، لأن اسماعيل بن حفص مختلف فيه وباقي رجال الاسناد ثقات. أهـ.

(23) الشفا (1/ 329). في حديث رواه مسلم عن سلمة برقم (2021).

(24) صحيح: الشفا (1/ 331). في حديث رواه الطبراني وابو يعلى بنحوه ورجالهما رجال الصحيح. وجعفر سمع من جماعة من الصحابة، فلا ادري سمع من خالد ام لا؟ كما في مجمع الزوائد (9/ 349) قال محقق المطالب العالية: قال البوصيري: رواه ابو يعلى بسند صحيح (المطالب العالية 4/90 رقم 4044).

(25) حسن: جزء من حديث طويل جداً فيه سياق قصة اسلام سلمان الفارسي رضي الله عنه. والحديث اخرجه أحمد (5/ 441 - 442) وابن سعد في الطبقات (4/ 53 - 57) من حديث ابن عباس واورده الهيثمي في (المجمع) (9/ 332 - 336) وقال: رواه احمد كله والطبراني في الكبير بنحوه ورجاله رجال الصحيح، غير محمد بن اسحق وقد صرح بالسماع اهــ. وحسّنه صاحب سلسلة الاحاديث الصحيحة (894) وقال: وروى قطعة منه الحاكم (2/ 16) من هذا الوجه. وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. كذا قالا!

(26) (عكة): صفن من جلد يوضع فيه السمن غالباً.

(27) الشفا (1/ 332) في حديث رواه مسلم برقم (2280) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.

(28) الشفا (1/ 331) رواه البيهقي عن أنس متصلا (الخفاجي 3/ 149).

(29) الشفا ( 1/ 331).

(30) الشفا (1/ 332) رواه ابن ماجه برقم (659) قال في الزوائد: اسناده منقطع، لأن عبد الجبار بن وائل لم يسمع من ابيه شيئاً، قاله ابن معين وغيره. اهـ. وانظر تخريج الحديث الذي يليه، فالحديث صحيح.

(31) صحيح: رواه أحمد من طريقين (22،67 الفتح الرباني) قال الساعاتي: اخرجه ابن ماجه من طريق عبد الجبار بن وائل عن ابيه... ثم قال. قلت: وعلى هذا فالحديث صحيح لأن عبد الجبار اخرج له مسلم والاربعة، وعلقمة اخرج له مسلم والاربعة في رفع اليدين والله اعلم.

(32) الشفا (1/ 334). رواه ابن سعد (الخفاجي 3/ 160).

(33) اصل الحديث: عن حزام بن هشام عن ابيه عن جده حُبيش بن خالد - رواه في (شرح السنة) وابن عبد البر في (الاستيعاب) وابن الجوزي في كتاب (الوفاء) وفي الحديث قصة. (المشكاة برقم 5943. قال المحقق: وكذلك رواه الحاكم (2/ 109) وصححه ووافقه الذهبي... قلت: وحديث ام معبد في المجمع (8/ 313) عن ام معبد باختصار. قال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير حزام بن هشام بن حبيش وابيه وكلاهما ثقة. وفي المجمع ايضاً (6/ 58) من حديث قيس بن النعمان قال الهيثمي: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح. قلت: ومنه تعلمان الحديث بطرقه صحيح فالحمد لله على فضله. وانظر القصة في البداية والنهاية (3/ 190 ـ 191) وزاد المعاد (3/ 55 - 57) وابن سعد في الطبقات (1/ 230 - 231).

(34) صحيح: رواه أحمد. قال العلامة احمد شاكر في تحقيق المسند: اسناده صحيح ونقله ابن كثير في التاريخ (6/102) عن هذا الموضع، ثم قال: ورواه من حديث ابي عوانة عن عاصم (تحقيق المسند 5/210 رقم 3598).

(35) قالت حليمة (فيما رواه ابن اسحق وابن راهويه وابو يعلى والطبراني والبيهقي وابو نعيم): قدمت مكة نسوة من بني سعد بن بكر نلتمس الرضعاء في سنة شهباء (اي مجدبة)، فقدمتُ على أتان لي ومعي صبي لنا وشارف لنا (اي ناقة مسنة) والله ما تبض بقطرة (اي ماتدر قطرة لبن) وما ننام ليلنا ذلك اجمع مع صبينا ولا نجد في ثديي ما يغذيه ولا في شارفنا ما يغذيه، فقدمنا مكة فوالله ما علمت من امرأة الا وقد عرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأباه اذ قيل انه يتيم من الاب، فوالله ما بقي من صواحبي امرأة الاّ أخذت رضيعاً غيره، فلما لم اجد غيره قلت لزوجي: اني لأكره ان ارجع من بين صواحباتي وليس معي رضيع، لانطلقنّ الى ذلك اليتيم فلآخذنه، فذهبت فاذا به مدرج في ثوب صوف ابيض من اللبن يفوح منه المسك وتحته حريرة خضراء راقداً على قفاه يغط، فاشفقت ان اوقظه من نومه لحسنه وجماله فدنوت منه رويداً فوضعت يدي على صدره فتبسم ضاحكاً ففتح عينيه ينظر اليّ فخرج من عينيه نور حتى دخل خلال السماء وانا انظر فقبلته بين عينيه واعطيته ثديي الايمن فاقبل عليه بما شاء من لبن، فحوّلته الى الايسر فأبى وكان تلك حاله بعدُ. قالت: فروى وروى اخوه. ثم أخذته فما هو الاّ ان جئت به الى رحلي فاقبل عليّ ثدياي بما شاء الله من لبن فشرب حتى روى وشرب اخوه حتى روى. فقام صاحبي تعني زوجها الى شارفنا تلك فاذا بها لحافل، فحلب ما شرب وشربت حتى روينا وبتنا بخير ليلة فقال صاحبي: يا حليمة والله اني لأراك قد أخذت نسمة مباركة. ألم تري ما بتنا به الليلة من الخير والبركة حين اخذناه فلم يزل الله يزيدنا خيراً. قالت حليمة: فودعت ام النبي صلى الله عليه وسلم ثم ركبت أتاني واخذته بين يديّ فسبقت دواب الناس الذين كانوا معي وهم يتعجبون منها ثم قدمنا منازل بني سعد ولا اعلم ارضاً من ارض الله أجدب منها. وكانت غنمي تروح عليّ حين قدمنا به شباعاً لبناً فنحلب ونشرب وما يحلب انسان قطرة ولا يجدها في ضرع حتى كان الحاضر من قومنا يقولون لرعيانهم اسرحوا حيث يسرح راعي غنم بنت ابي ذؤيب فتروح اغنامهم جياعاً ما تبض بقطرة لبن وتروح اغنامي شباعاً لبناً، فلم نزل نتعرف من الله الزيادة والخير حتى مضت سنتاه، وفصلته وكان يشب شباباً لا يشبه الغلمان... الخ. (كذا ورد في تعليق الساعاتي على ترتيب المسند - الفتح الرباني/ 192 - 193) واورده الهيثمي بسياق قريب من هذا وقال : رواه ابو يعلى والطبراني بنحوه الاّ انه قال: ..حليمـة بـنـت ابي ذؤيـب ورجـالهما ثقـات (مجـمع الزوائد 8/ 220 - 221) وذكره الحافظ ابن حجر في المطالب العالية. قال المحقق: قال البوصيري: رواه ابن حبان في صحيحه عن ابي يعلى... ورمز المحقق لحسنه.

(36) الشفا (1/ 334).

(37) الشفا (1/ 334).

(38) الشفا (1/ 335).

(39) (سلت): مسح.

(40) الشفا 1/ 334) قال الهيثمي في (المجمع) (9/ 412) رواه الطبراني وفيه منْ لم اعرفهم .

(41) الشفا (1/ 334) عن حيان بن عمير قال مسح النبي صلى الله عليه وسلم وجه قتادة بن ملحان ثم كبّر، فبلي منه كل شئ غير وجهه. قال فحضرته عند الوفاة فمـرت امـرأة فرأيتها في وجهـه كما أراها في المـرآة (الاصــابة لابن حــجـر 3/ 225) ورواه بغير هذا السياق الامام أحمد ورجاله رجال الصحيح (مجمع الزوائد 5/ 319).

(42) الشفا (1/ 334) رواه ابن عبد البر في الاستيعاب (الخفاجي 3/ 163) وام سلمة هي ام المؤمنين رضي الله عنها وزينب بنتها ربيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولدت في ارض الحبشة، فقدمت بها امها، وهي اخت الزبير من الرضاعة. قال الهيثمي في (المجمع) (9/ 259): رواه الطبراني وام عطاف لم اعرفها.

(*)الاشارة الرابعة عشرة – المكتوب التاسع عشر ص (192)

 

قرئت 427 مرات
لإضافة تعليق يرجى تسجيل الدخول أو إنشاء قيد جديد