نبوة سيدنا محمد في الإنجيل والتوراة والزبور؟
هل يمكن العثور على أدلة على نبوة سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) في الإنجيل والتوراة والزبور؟
أضافه في جمعة, 15/08/2025 - 14:43
الأخ / الأخت العزيز,
أدلة على نبوة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في الإنجيل المحرّف
كلمة "محرّف" تعني مُبدّل ومغيّر. وجميع الأدلة التي سنعرضها هنا مأخوذة من الإنجيل الذي تم تحريفه بعناية شديدة، وتم حذف كل الآيات التي تشير إلى نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) بشكل ممنهج. ومع كل هذا التحريف الدقيق وإزالة الآيات التي تبشر به، ما زالت هناك إشارات واضحة له. فإذا كان هذا حال الإنجيل المحرّف، فكم من الإشارات كانت موجودة في النسخة الأصلية التي نزلت على سيدنا عيسى (عليه السلام)؟! لنتأمل ذلك.
لقد ذكر القرآن الكريم تحريف أهل الكتاب لكتبهم، وخاصةً حذف الآيات التي تشير إلى نبينا (صلى الله عليه وسلم)، فقال الله تعالى:
{فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۖ فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ}(البقرة:79)
{ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ۚ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ}(المائدة:15)
القرآن الكريم يصرّح بأن النصارى قد كتموا كثيراً من الحقائق الموجودة في الإنجيل، ومن بين هذه الحقائق ما يشير إلى قدوم النبي محمد (صلى الله عليه وسلم). في هذا القسم، سنستعرض بعض هذه العبارات الموجودة في الإنجيل التي تدل على قدومه.
- قال عيسى (عليه السلام):
"إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَاحْفَظُوا وَصَايَايَ، وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّيًا آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ،" (يوحنا-الإصحاح 14:الآية 15-16)
- قال عيسى (عليه السلام):
"وَأَمَّا الْمُعَزِّي، الرُّوحُ الْقُدُسُ، الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي، فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ." (يوحنا-الإصحاح 14:الآية 26)
- قال عيسى (عليه السلام):
"وَقُلْتُ لَكُمُ الآنَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ، حَتَّى مَتَى كَانَ تُؤْمِنُونَ." (يوحنا-الإصحاح 14:الآية 29)
- قال عيسى (عليه السلام):
"وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ، رُوحُ الْحَقِّ، الَّذِي مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ، فَهُوَ يَشْهَدُ لِي." (يوحنا-الإصحاح 15:الآية 26)
- قال عيسى (عليه السلام):
"لكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ: إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ، لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي، وَلكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ".(يوحنا-الإصحاح 16:الآية 7)
- قال عيسى (عليه السلام):
"وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ، رُوحُ الْحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ، لأَنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ، وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ."(يوحنا-الإصحاح 16:الآية 13)
- قال عيسى (عليه السلام):
"ذَاكَ يُمَجِّدُنِي، لأَنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ."(يوحنا-الإصحاح 14:الآية 26)
في هذه الآيات، الشخص الذي يُبشّر بقدومه يسمى "المعزّي" أو "البارقليط". أصل هذه الكلمة في السريانية هو "مُنْحَمَّنَّا"، وفي اليونانية "بيركلتوس"، والتي تقابل بالعربية اسم "أحمد". وهذا الاسم – "أحمد" – هو أحد أسماء النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، وقد ورد اسمه صراحة في القرآن الكريم:{ وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ}(الصف:6)
جميع الصفات المذكورة في تلك الآيات لا تنطبق إلا على النبي محمد (صلى الله عليه وسلم). إذن، فالشخص المبشَّر به في الإنجيل هو النبي محمد (صلى الله عليه وسلم).
كما أن "البارقليط" فُسِّر في شروح الإنجيل على أنه "الشخص الذي يفرق بين الحق والباطل"، أي الذي يهدي الناس إلى الحق بعد عيسى (عليه السلام). فهل يمكن أن يوجد من قام بهذا الدور أعظم من النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)؟
قال عيسى (عليه السلام):
"لكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ: إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ، لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي، وَلكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ".(يوحنا-الإصحاح 16:الآية 7)
من هو الذي جاء بعد عيسى (عليه السلام) وقدم للعالم عزاءً حقيقياً وطمأنينة للناس؟ هو النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) الذي أنقذ البشرية من شقاء الجهل والشرك والموت الروحي.
- قال عيسى (عليه السلام):
" لاَ أَتَكَلَّمُ أَيْضًا مَعَكُمْ كَثِيرًا، لأَنَّ رَئِيسَ هذَا الْعَالَمِ يَأْتِي وَلَيْسَ لَهُ فِيَّ شَيْءٌ." (يوحنا-الإصحاح 14:الآية 30)
- قال عيسى (عليه السلام):
"وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ الْعَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرّ وَعَلَى دَيْنُونَةٍ"(يوحنا-الإصحاح 16:الآية 8)
من هو "رئيس هذا العالم" الذي أشار إليه عيسى (عليه السلام) والذي أتى بعده ليدين العالم بالحق، ويفصل بين الإيمان والكفر؟ إنه النبي محمد (صلى الله عليه وسلم).
وهل وُجد نبي بعد داوود (عليه السلام) قام بنشر دعوته من المشرق إلى المغرب، وفرض الجزية على الملوك، وكان يُتبع من قبل خمس البشرية، سوى النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)؟
" فَاعْتَرَفَ وَلَمْ يُنْكِرْ، وَأَقَرَّ: (إِنِّي لَسْتُ أَنَا الْمَسِيحَ)*
فَسَأَلُوهُ: «إِذًا مَاذَا؟ إِيلِيَّا أَنْتَ؟» فَقَالَ: ( لَسْتُ أَنَا ). «أَلنَّبِيُّ أَنْتَ؟» فَأَجَابَ: ( لاَ ) "(يوحنا-الإصحاح 1:الآية 20-21)
في هذا النص، يُسأل يوحنا المعمدان (يحيى عليه السلام) ثلاثة أسئلة:
- هل أنت المسيح؟
- هل أنت إيليا (إلياس)؟
- هل أنت "ذلك النبي"؟
فرفض الثلاثة. مما يدل على أن "ذلك النبي" شخص آخر غير عيسى وإلياس. من هو هذا النبي الذي لم يكن قد ظهر بعد؟ إنه محمد (صلى الله عليه وسلم).
- " اِحْتَرِزُوا مِنَ الأَنْبِيَاءِ الْكَذَبَةِ الَّذِينَ يَأْتُونَكُمْ بِثِيَاب الْحُمْلاَنِ، وَلكِنَّهُمْ مِنْ دَاخِل ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ * مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ." (متى-الإصحاح 7:الآية 15-16)
الإنجيل لم يقل في أي موضع أن لا نبي سيأتي بعد عيسى (عليه السلام). بل على العكس، يُعطى معيار لتمييز النبي الصادق من الكاذب، وهو: "مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ."
فلو لم يكن سيأتي نبي بعده، لقال عيسى (عليه السلام) بوضوح: "لن يأتي نبي بعدي"، لكنه لم يفعل. بل أعطى معيارًا للحكم على مدّعي النبوة. وهذا دليل كافٍ على أن نبيًا سيأتي بعده.
وهذا النبي هو محمد (صلى الله عليه وسلم)، الذي جاءت رسالته بثمار عظيمة، منها ظهور أمة تؤمن بالله، وتعبد الإله الواحد، وتترك عبادة الأوثان.
- عيسى (عليه السلام) يدخل القدس، ويبدأ بتعليم الناس يومياً. ولكن الكهنة ورؤساء الدين يريدون قتله. فيقول لهم: إن لم تؤمنوا بهذه الحقائق، فسيمنح الله الملكوت لأمة أخرى تؤمن بها وتعيشها.
ويعطيهم المثل المعروف بـ ( مثل الكرّامين):
" اِسْمَعُوا مَثَلًا آخَرَ: كَانَ إِنْسَانٌ رَبُّ بَيْتٍ غَرَسَ كَرْمًا، وَأَحَاطَهُ بِسِيَاجٍ، وَحَفَرَ فِيهِ مَعْصَرَةً، وَبَنَى بُرْجًا، وَسَلَّمَهُ إِلَى كَرَّامِينَ وَسَافَرَ*
وَلَمَّا قَرُبَ وَقْتُ الأَثْمَارِ أَرْسَلَ عَبِيدَهُ إِلَى الْكَرَّامِينَ لِيَأْخُذَ أَثْمَارَهُ*
فَأَخَذَ الْكَرَّامُونَ عَبِيدَهُ وَجَلَدُوا بَعْضًا وَقَتَلُوا بَعْضًا وَرَجَمُوا بَعْضًا*
ثُمَّ أَرْسَلَ أَيْضًا عَبِيدًا آخَرِينَ أَكْثَرَ مِنَ الأَوَّلِينَ، فَفَعَلُوا بِهِمْ كَذلِكَ*
فَأَخِيرًا أَرْسَلَ إِلَيْهِمُ ابْنَهُ قَائِلًا: يَهَابُونَ ابْنِي! *
وَأَمَّا الْكَرَّامُونَ فَلَمَّا رَأَوْا الابْنَ قَالُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ: هذَا هُوَ الْوَارِثُ! هَلُمُّوا نَقْتُلْهُ وَنَأْخُذْ مِيرَاثَهُ! *
فَأَخَذُوهُ وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْكَرْمِ وَقَتَلُوهُ*
فَمَتَى جَاءَ صَاحِبُ الْكَرْمِ، مَاذَا يَفْعَلُ بِأُولَئِكَ الْكَرَّامِينَ؟*
قَالُوا لَهُ: «أُولئِكَ الأَرْدِيَاءُ يُهْلِكُهُمْ هَلاَكًا رَدِيًّا، وَيُسَلِّمُ الْكَرْمَ إِلَى كَرَّامِينَ آخَرِينَ يُعْطُونَهُ الأَثْمَارَ فِي أَوْقَاتِهَا*
قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ؟ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا!*
لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ*
وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ، وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ "
(متى-الإصحاح 21:الآية 33-44)
وعندما سمع رؤساء الكهنة والفرّيسيون هذا المثل، فهموا أن عيسى يقصدهم، فأرادوا الامساك به
"وَلَمَّا سَمِعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ أَمْثَالَهُ، عَرَفُوا أَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَيْهِمْ.* وَإِذْ كَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يُمْسِكُوهُ، خَافُوا مِنَ الْجُمُوعِ، لأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مِثْلَ نَبِيٍّ." (متى-الإصحاح 21:الآية 45-46)
إن الحجر المذكور في هذه الجمل بلا شك هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، والمقصود بـ"المملكة التي ستُعطى" هم أمة الإسلام. ومحاولة بعض علماء النصارى تفسير "الحجر" بأنه عيسى عليه السلام غير صحيحة من وجوه عدة:
أولًا:
لأن الشخص المشار إليه بهذا "الحجر" لا يمكن أن يكون – حاشاه – ابن الله كما يدّعون في حق عيسى عليه السلام، وهذا يتضح من سياق الكلام.
ثانيًا:
بحسب ادعائهم، فإن عيسى عليه السلام قد قُتل على يد اليهود، فإذا كان كذلك، فكيف ينطبق عليه وصف "الحجر الذي يسحق من يقع عليه، ويُحطم من يسقط عليه"؟!
ثالثًا:
في إنجيل يوحنا، الإصحاح 12، الآية 47، يقول عيسى عليه السلام:
"وَإِنْ سَمِعَ أَحَدٌ كَلاَمِي وَلَمْ يُؤْمِنْ فَأَنَا لاَ أَدِينُهُ، لأَنِّي لَمْ آتِ لأَدِينَ الْعَالَمَ بَلْ لأُخَلِّصَ الْعَالَمَ"
وهذا يناقض تمامًا صفة "الحجر"، الذي يسحق ويهلك من يعارضه أو يعترض طريقه، كما ورد في الأناجيل.
رابعًا:
في الزبور ورد أن "هذا الحجر قد أصبح حجر الزاوية، وهو عجيب في أعيننا". فإذا كان داود عليه السلام يُقدّر عيسى عليه السلام لدرجة أنه يؤمن بأنه إله (كما يزعم النصارى)، فلماذا يُفاجأ بأن يكون حجر الزاوية؟!
إذن هذا التعجب لا يصح إلا إن كان المقصود شخصًا آخر، ونبوته مثيرة للدهشة. وهذا يتضح إذا علمنا أن بني إسرائيل لا يرون بني إسماعيل – بسبب أنهم من نسل هاجر – أهلاً للنبوة، ولم يظهر فيهم أي نبي سابقًا. فظهور نبي منهم سيكون أمرًا مُدهشًا للغاية.
خامسًا:
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وضّح في حديثه الشريف أنه هو "الحجر" المقصود:
[ إنَّ مَثَلِي ومَثَلَ الأنْبِياءِ مِن قَبْلِي، كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فأحْسَنَهُ وأَجْمَلَهُ، إلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِن زاوِيَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ به، ويَعْجَبُونَ له، ويقولونَ: هَلَّا وُضِعَتْ هذِه اللَّبِنَةُ؟ قالَ: فأنا اللَّبِنَةُ، وأنا خاتِمُ النَّبيِّينَ ](البخاري)
دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم في الإنجيل:
في الإنجيل يُوصف النبي المُنتظر بأنه "صاحب السيف والعصا". والسيف رمز للجهاد، وهذا لا ينطبق على عيسى عليه السلام، لأنه لم يُبعث للجهاد. أما النبي محمد صلى الله عليه وسلم فهو من أتى بالسيف والجهاد، وكان يمشي بالعصا، وأُمّته مأمورة بالجهاد.
وفي موضع آخر يُذكر أن هذا النبي هو "صاحب التاج"، أي صاحب العمامة، وهذه صفة خاصة بالعرب، وبخاصة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذي كان يلبس العمامة، فـ"صاحب التاج" إشارة واضحة إليه.
سؤال:
لماذا يُبشّر عيسى عليه السلام بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم أكثر من غيره من الأنبياء؟
الجواب:
لأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم لم يُنقذ فقط دعوة عيسى عليه السلام من تحريف اليهود وإنكارهم له، بل جاء بشريعة سهلة تُكمّل شريعة عيسى عليه السلام. لذلك كان يُبشّر به قائلاً: " رَئِيسَ هذَا الْعَالَمِ يَأْتِي." (يوحنا-الإصحاح 14:الآية 30)
تحريف التوراة وأثره على النصوص الدالة على نبوته صلى الله عليه وسلم:
القرآن الكريم أشار إلى تحريف اليهود للتوراة التي بين ايديهم:
{مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ}(النساء: 46)
{أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (البقرة: 75)
نصوص من التوراة تدل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم:
- سفر حجّي، الإصحاح 2، الآيتان 6-7:
" لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: هِيَ مَرَّةٌ، بَعْدَ قَلِيلٍ، فَأُزَلْزِلُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَالْيَابِسَةَ، * وَأُزَلْزِلُ كُلَّ الأُمَمِ. وَيَأْتِي مُشْتَهَى كُلِّ الأُمَمِ، فَأَمْلأُ هذَا الْبَيْتَ مَجْدًا، قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ."
في النص العبري، كلمة "مشتهى" تأتي من الجذر نفسه الذي يأتي منه اسم "محمد" و"أحمد". وبالتالي، تشير هذه الآية إلى ظهور النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذي ملأ الأرض نورًا وعدلًا.
- سفر إشعيا، الإصحاح 42:
هذا الإصحاح مليء بالإشارات الواضحة إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، منها:
"هُوَذَا عَبْدِي الَّذِي أَعْضُدُهُ، مُخْتَارِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. وَضَعْتُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْرِجُ الْحَقَّ لِلأُمَمِ "(الآية:1)
تشير إلى البعثة النبوية والرسالة العالمية.
"لاَ يَصِيحُ وَلاَ يَرْفَعُ وَلاَ يُسْمِعُ فِي الشَّارِعِ صَوْتَهُ" (الآية:2)
تدل على خلقه صلى الله عليه وسلم الحليم والرحيم.
"لاَ يَكِلُّ وَلاَ يَنْكَسِرُ حَتَّى يَضَعَ الْحَقَّ فِي الأَرْضِ، وَتَنْتَظِرُ الْجَزَائِرُ شَرِيعَتَهُ"(الآية:4)
وهذا تحقق في رسالة الإسلام التي انتشرت في كل الأرض.
" وَأَجْعَلُكَ عَهْدًا لِلشَّعْبِ وَنُورًا لِلأُمَمِ "(الآية:6)
كما كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم رحمةً للعالمين.
"لِتَفْتَحَ عُيُونَ الْعُمْيِ، لِتُخْرِجَ مِنَ الْحَبْسِ الْمَأْسُورِينَ"(الآية:7)
كما أخرج صلى الله عليه وسلم الناس من ظلمات الشرك إلى نور التوحيد.
"الدِّيَارُ الَّتِي سَكَنَهَا قِيدَارُ. لِتَتَرَنَّمْ سُكَّانُ سَالِعَ"(الآية:11)
وقيدار هو ابن إسماعيل، والنبي محمد صلى الله عليه وسلم من نسله.
- سفر التثنية، الإصحاح 18، الآية 18:
"أُقِيمُ لَهُمْ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلَكَ، وَأَجْعَلُ كَلاَمِي فِي فَمِهِ..."
"من إخوتهم" تشير إلى بني إسماعيل، وليس بني إسرائيل. وهذا لا ينطبق إلا على محمد صلى الله عليه وسلم.
- أعمال الرسل، الإصحاح 3، الآية 22:
" فَإِنَّ مُوسَى قَالَ لِلآبَاءِ: إِنَّ نَبِيًّا مِثْلِي سَيُقِيمُ لَكُمُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ مِنْ إِخْوَتِكُمْ. لَهُ تَسْمَعُونَ فِي كُلِّ مَا يُكَلِّمُكُمْ بِهِ."
"فإن موسى قال: إن نبيًا مثلي سيقيمه الرب لكم من بين إخوتكم، فله تسمعون في كل ما يكلمكم به."
أيضًا، يؤكد أن النبي القادم سيكون من "الإخوة"، أي نسل إسماعيل، ولا ينطبق ذلك إلا على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.
الخلاصة:
كل هذه النصوص، سواء من التوراة أو من الإنجيل، تدل بشكل واضح على نبوّة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وتصف صفاته، وشريعته، وأخلاقه، وانتصاراته، وشجاعته، وكونه رحمة للعالمين، كما أنها تنسجم مع ما جاء به القرآن الكريم.
أسئلة إسلامية